{وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [الأنعام:146]

سبب نزول الآية:
قال عبد اللّه بن عباس: بلغ عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه أن سمرة باع خمراً، فقال: قاتل اللّه سمرة ألم يعلم أن رسول اللّه صل اللّه عليه وسلم قال: «لعن اللّه اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها»؟ وعن جابر بن عبد اللّه قال: سمعت رسول اللّه صل اللّه عليه وسلم يقول عام الفتح: «إن اللّه ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام»، فقيل: يا رسول اللّه أرأيت شحوم الميتة فإنها يدهن بها الجلود وتطلى بها السفن ويستصبح بها الناس؟ فقال: «لا، هو حرام» ثم قال رسول اللّه صل اللّه عليه وسلم عند ذلك: «قاتل اللّه اليهود إن اللّه لما حرم عليهم شحومهما جملوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه»

تفسير الآية:
{وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ}:  يقول الله تعالى وحرمنا على اليهود كل ذي ظفر، وهو البهائم والطير ما لم يكن مشقوق الأصابع كالإبل والنعام والإوز والبط، قال ابن عباس رضي الله عنهما : هو البعير والنعامة، وقال سعيد بن جبير: هو الذي ليس منفرج الأصابع، وفي رواية عنه: كل متفرق الأصابع، ومنه الديك، وقال مجاهد { كل ذي ظفر} قال: النعامة والبعير شقاً شقاً.

{وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا} قال السدي: يعني الثرب وشحم الكليتين، وكانت اليهود تقول: إن حرمه إسرائيل فنحن نحرمه، وكذا قال ابن زيد، وقال قتادة الثرب وك الشحم كان كذلك ليس في عظم، { إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا}: وقال ابن عباس: يعني ما علق بالظهر من الشحوم، وقال السدي: الألية مما حملت ظهورهما، {أَوِ الْحَوَايَا}: قال بن جرير: الحوايا جمع واحدها حاوياء وحاوية وحوية، وهو ما تحوي من البطن فاجتمع واستدار، وهي بنات اللبن، وهي المباعر، وتسمى المرابض، وفيها الأمعاء، ومعنى الكلام: ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما وما حملت الحوايا. قال ابن عباس ومجاهد: الحوايا المبعر والمربض.

{أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ}: يعني إلا ما اختلط من الشحوم بعظم فقد أحللناه لهم، وقال ابن جريج: شحم الألية ما اختلط بالعصعص، فهو حلال، وكل شيء في القوائم والجنب والرأس والعين، وما اختلط بعظم فهو حلال.{ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ}: أي هذا التضييق إنما فعلناه بهم وألزمناهم به مجازاة لهم على بغيهم ومخالفتهم أوامرنا، كما قال تعالى: { {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء:160]

{وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}: أي وإنا لعادلون فيما جازيناهم به، وقال ابن جرير: وإنا لصادقون فيما أخبرناك به يا محمد من تحريمنا ذلك عليهم، لا كما زعموا من أن إسرائيل هو الذي حرمه على نفسه، واللّه أعلم.