أبو الظفر سراج الدين محمد بهادر شاه ظافر آخر حاكم مسلم للهند [1775 – 1862]، تولى الحكم خلفًا لأبيه وكانت الهند حينها تحت وطأة الاستعمار الإنجليزي، قاد ثورة دلهي ضد البريطانيين، ولكنها فشلت وهو ما أدى للقبض عليه ومحاكمته بالخيانة عليها وتم على أثرها نفيه إلى بورما هو ومجموعة من أفراد حاشيته حتى توفى هناك في 7 نوفمبر 1862، لينتهي بذلك الحكم الإسلامي داخل الهند وإعلان الهند مستعمرة بريطانية.
بهادر شاه ظافر:
تولى “شاه ظافر” الحكم في عام 1838م، وذلك خلفًا لوالده السلطان “محمد أكبر شاه الثاني” كانت الهند حينها تعاني من الاحتلال الإنجليزي في فترة من التاريخ تعد الأصعب، حيث كان المحتلون يعملون على نهب خيرات البلاد حتى أنهم فرضوا على حكام الهند مرتبات يتقاضونها منهم وكأنهم يعملون لخدمة الهند، وبالغوا في تعنتهم وكبرهم حتى أنهم كانوا يتحكمون في منافذ ومخارج الهند فلا يستطيع أحد ان يدخل أو يخرج إلى تحت عين وموافقة المحتل الإنجليزي.
الحكم والملك:
فرق المحتل الإنجليزي بين الملك وحكم البلاد فالملك مجرد واجهة للحكم أما الحاكم الحقيقي هو الإنجليز، وذلك في إطار استراتيجي محنك فالنقود تضرب باسم الملك، والمساجد تهتف باسم الملك لكن في الحقيقة الملك لا يملك صنع القرار وهو ما أغضب العلماء المسلمين وقرروا أن يحكم المغول أرضهم وأن يقفوا ضد المحتل مهما كانت النتيجة، وأعلنوا في جميع المساجد أن على المسلمين الجهاد للحفاظ على هيبة المسلمين داخل بلادهم.
وهنا كان الرد من قبل المحتل رد عنيف وموجه إلى الملك، وذلك أنهم أرسلوا إلى الملك أنهم في سبيلهم للقضاء عليه، وأنه سوف يكون آخر من يسكن القلعة الحمراء من المغول، وأنهم سوف يحولون منها ثكنة عسكرية تعمل على القضاء على دولة المغول في الهند.
ثورة دلهي:
قامت في الحادي عشر من مايو عام 1857 الموافق عام 1274هـ، نتجت هذه الثورة عن حالة من السخط العام أصابت الجنود من المسلمين والهندوس داخل الجيش البريطاني حيث قام الضباط البريطانيين بإهانة معتقداتهم الدينية، والسخرية منها، فقد أمروا كل من الجنود الهندوس والمسلمين أن يقطعوا بأسنانهم الشحم والدهن الذي يستخدم في تشحيم البنادق، وكان هذا الدهن لبقر وخنازير والبقر محرم على الهندوس والخنازير محرمة على المسلمين، مما زاد من عملية الاحتقان بين الطرفين خاصةً عندما صدرت الأوامر بمعاقبة المتذمرين منهم، وهنا انتفض الجميع في ثورة عارمة وغضب جامح قاموا على أثرها بقتل الضباط الإنجليز وأعلنوا العصيان والثورة في جميع أنحاء دلهي.
تخطيط غير دقيق أدى إلى فشل سريع:
بمجرد اندلاع الثورة أعلن علماء المسلمين في جميع المساجد الجهاد ودعوا جميع أفراد الشعب وعلى رأسهم الملك للانضمام إلى صفوف المقاتلين، وهو ما حرص عليه الجميع لكن افتقادهم للخبرة وعدم التنظيم والتخطيط الجيد فشلت الثورة خاصة مع تحالف السيخ مع المحتل الإنجليزي ضد أعدائهم من المسلمين مما ساعد الإنجليز على ترتيب الصفوف وحزم الأمر بدقة واتخاذ ما يلزم لإفساد هذه الثورة، والانتقام شر الانتقام لكل من ساهم فيها أو كان له يد من قريب أو بعيد في إشعالها وأولهم الملك.
القبض على بهادر شاه ومحاكمته:
قام الإنجليز بالقبض على الملك شاه ظافر في 26 يناير 1858 ومحاكمته محاكمة صورية، تم توجيه له فيها هو وابنه “ميراز مغل” مجموعة من التهم على رأسها تكييل العداء للإنجليز والمشاركة في قتل البريطانيين العزل من غير المحاربين وهي بالتأكيد كانت تهم باطلة لأن العداء الحقيق كان مع المحاربين من الضباط والجنود وبعد مجموعة من الجلسات تم الحكم على شاه ظافر بالإعدام ثم خفف الحكم إلى النفي خارج البلاد.
وبالفعل في 17 من أكتوبر عام 1858 تم نفي شاه ظافر إلى بورما وتخصيص محبس خاص له، ونقل زوجته وبقية أفراد حاشيته إلى مكان آخر تحت الحراسة المشددة ويعد هذه التاريخ هو تاريخ سقوط أخر قشة في عرش المغول والحكم الإسلامي بالهند، وتم إعلان الهند مستعمرة بريطانية، وظل إمبراطور المغول رهين حبسه حتى وافته المنية في 7 نوفمبر 1862.