تفسير : {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:184]، وقد تضمن التفسير الكثير من الأحكام التي تتعلق بحكم صيام المكلف، وحكم إفطار الشيخ الكبير العاجز، والعجوز الكبيرة العاجزة عن الصوم، وإفطار المريض والمسافر، وحكم إفطار المريض الذي لا يرجى برؤه، وحكم إفطار كل من الحامل والمرضع.
تفسير سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز للآية:
يقول الشيخ ابن باز : أن علماء التفسير رحمهم الله ذكروا ان الله سبحانه وتعالى لما شرع صيام شهر رمضان مخيرًا بين الفطر والإطعام وبين الصوم، والصوم افضل فمن أفطر وهو قادر على الصيام فعليه إطعام مسكين، وإن اطعم اكثر فهو خير له، وليس عليه قضاء وإن صام فهو أفضل لقوله عز وجل { وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} فأما المريض والمسافر فلهما ان يفطرا ويقضيا، لقوله سبحانه وتعالى : {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184].
ثم نسخ الله ذلك وأوجب سبحانه الصيام على المكلف الصحيح المقيم، ورخص للمريض والمسافر في الإفطار وعليه القضاء؛ وذلك لقوله سبحانه : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185]، وبقى الإطعام في حق الشيخ الكبير العاجز، والعجوز الكبيرة العاجزة عن الصوم.
حكم إفطار الشيخ الكبير و المريض الذي لا يرجى برؤه :
ويضيف سماحة الشيخ : وقد ثبت ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه، وعن انس بن مالك رضي الله عنه، وجماعة من الصحابة والسلف، وقد روى البخاري في صحيحه عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه معنى ما ذكرنا من النسخ للآية المذكورة، وهي قوله تعالى : {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة:184] الآية، وروي ذلك عن معاذ بن جبل رضي الله عنه وجماعة من السلف رحمهم الله ومثل الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة والمريض الذي لا يرجى برؤه والمريضة التي لا يرجى برؤها، فإنهما يطعمان عن كل يوم مسكينًا، ولا قضاء عليهم، ويجوز إخراج الإطعام في أول الشهر وفي وسطه وفي آخره.
حكم إفطار الحامل والمرضع:
ويضيف سماحة الشيخ : أما الحامل والمرضع فيلزمهما الصيام إلا أن يشق عليهما، فإنه يشرع لهما الإفطار وعليهما القضاء، كالمريض والمسافر وهذا هو الصحيح في قولي العلماء في حقهما، وقال جماعة من السلف : يطعمان ولا يقضيان كالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة والصحيح أنهما كالمريض والمسافر تفطران وتقضيان، وقد ثبت عن النبي صل الله عليه وسلم من حديث أنس بن مالك الكعبي ما يدل على أنهما كالمريض والمسافر.