عرفنا طبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم السمحة الخلوقة ، التي تعاملت مع الجميع بمنتهى الرحمة ، و قد وجدنا في السيرة النبوية العديد من المواقف التي جمعت رسول الله مع أشخاص أذوه و أبى حتى الدعاء عليهم ، و مع ذلك اتسمت علاقته معهم بالصرامة .
مواقف رسول الله مع اليهود
محاربة بني قينقاع
– كان بني قينقاع من أشجع اليهود ، و كان لهم حي خاص في يثرب – المدينة المنورة – ، و قد عملوا في بعض الحرف و كذلك في صناعة المصوغات و آلات الحرب ، و كانوا كثيرا ما يسخروا من المسلمين و يستفزوهم ، و قد صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أذاهم كثيرا ، و قد وجه لهم بعد غزوة بدر قال فيها ( يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشا ، فقالوا له : يا محمد ، لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفرًا من قريش ، كانوا أغمارًا لا يعرفون القتال ، إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس و أنك لم تلق مثلنا ) .
– و قد صبر رسول الله عليهم حتى أتت المواجهة ، حينما ذهبت واحدة من نساء المسلمين لتبيع شيئا ما في سوقهم ، حينها أمروها أن تكشف وجهها فرفضت ، فقام أحدهم بربط ثوبها و بمجرد أن وقفت انكشفت سوءتها ، حينها ذهب إليه أحد المسلمين و قام بقتله ، فاجتمع عليه اليهود و قتلوه ، و هنا أمر الرسول بحصارهم لمدة 15 يوم حتى تم إجلائهم إلى الشام .
محاربة بنو النضير
في يوم ما خرج رسول الله إلى يهود بنو النضير طالبا دية لقتيلين من بني عامر ، قام بقتلهم عمرو بن أمية الضمري ، وقتها قام صلى الله عليه وسلم بتجهيز عقد لهما ، و تعاقد عليه كل من بنو نضير و بنو عامر ، حينها رغب صلى الله عليه وسلم في تنفيذ الدية فأظهروا له موافقتهم على الدية ، في حين أنهم قد رغبوا في قتله وقتها ، حتى أن أحدهم قد صعد ليلقي صخرة على رسول الله ، وقتها أتى رسول الله الخبر من عند الله فقام و عاد إلى المدينة ، و حينما وصل إلى المدينة سألوه صحابته عما فعل فأخبرهم بغدرهم ، و في هذا الوقت أمر بحصارهم لفترة و التهيؤ لحربهم ، و كان ذلك في شهر ربيع الأول و السبب في ذلك نقضهم لعهده .
محاربة بني قريظة
– حينما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة كان بصحبته علي بن أبي طالب ، و حينما اقترب علي كرم الله وجهه من حصونهم سمع كلامهم عن رسول الله و نيتهم للغدر به ، على الرغم من أن رسول الله قد صبر على إيذائهم كثيرا ، حتى انتهى به الأمر لإقامة معاهدات معهم ، و بمجرد أن سمع علي كلامهم رجع لرسول الله و طلب منه ألا يدنو منهم ، فسأله رسول الله أن كان قد سمع منهم أن نيتهم الأذى لهم ، وقتها رد عليه قائلا لا عليك لا تدنو من هؤلاء الأخباث ، و حينما اقترب رسول الله من حصونهم دار بينهم حديث حيث قال رسول الله ( يا إخوان القردة ، هل أخزاكم الله و أنزل بكم نقمته ؟ قالوا : يا أبا القاسم ، ما كنت جهولا ) ، بعدها أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصارهم لمدة 25 ليلة ، حتى عادوا وقتها على عهدهم مع المسلمين ، و لكنهم سرعان ما غدروا مجددا ، مما كان سببا في غزو المسلمين لهم .
– الأمر ينطبق على يهود خيبر أيضا ، هؤلاء الذين جمعوا الأحزاب من اليهود و المنافقين بغرض القضاء على رسول الله و المسلمين ، و قد كانت نهايتهم وقوعهم بين قتلى و أسرى.