الفتوحات الاسلامية في افريقيا

الأبطال هم أولئك الأشخاص الذين يصنعون التاريخ ويمنحون أممهم تلك الهامات العالية التي يفتخرون بها عبر العصور وفي الحضارة الإسلامية العديد من النماذج المشرفة والبطولية مثل أولئك القادة العظام الذين سخروا حياتهم لرفع راية الدين الإسلامي في كل أمصار الدنيا وبذلوا كل ما يملكون من دماء وجهود ومال في سبيل ذلك حتى توسعت وامتدت رقعة دين الله عز وجل ومن أولئك الأبطال والقادة العظام في تاريخ أمتنا الإسلامية كان الصحابي والقائد الجليل عقبة بن نافع ، حيث كان سيدنا عقبة مثالاً للقائد المسلم والورع صاحب الأخلاق العالية مرفوع الراية والذي أشتهر عنه قربه الشديد من الله عز وجل فقد كان مستجاب الدعوة وشديد الذكاء العسكري والذي ظهر جلياً في خططه العسكرية ويرجع له الفضل في وصول شمس الدين الإسلامي إلى بلاد المغرب العربي ، فعقبة بن نافع هو واحداً من أبرز قادة المسلمين في الفتوحات الاسلامية وقد قام بالمشاركة في تلك الفتوحات منذ صغره وعقبة بن نافع كان ميلاده في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل هجرة الرسول بعام واحد فقط وتربى عقبة بن نافع في أسرة مسلمة فشب على تعاليم الدين الإسلامي وشارك عقبة بن نافع عمرو بن العاص في فتح مصر وفي معارك الفتح الإسلامي في قارة أفريقيا ، حيث أنه عندما فتح عمرو بن العاص مدينة برقة ولى عليها عقبة بن نافع ومنها كان الانطلاق في عدة فتوحات إسلامية أخرى في شمال أفريقيا .

اعمال عقبة بن نافع

قام عقبة بن نافع بتوفير التامين اللازم لحدود الدولة الإسلامية الغربية من خطر الروم وذلك في غرب مصر ، حيث كان قد ولاه عمرو بن العاص ولاية مدينة برقة وعينه قائداً لحاميتها الإسلامية وظل عقبة بن نافع والياً عليها حتى في خلال تولى ولاة آخرون لولاية مصر وأستمر في خلافة كل من عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وذلك كان إدراكاً منهم أن عقبة بن نافع أهل لولاية برقة ، حيث كان في تلك الأثناء يقوم عقبة بن نافع بدعوة قبائل البربر للدخول في الدين الإسلامي وفي نفس الوقت وبالتزامن مع ذلك يعمل على تأمين غرب الدولة الإسلامية من خطر الروم كما انه قد قام بإخماد الفتنة التي كانت قد وقعت بين المسلمون وقدمها على الاستمرار في مواصلة الفتوح الإسلامية إلى أن تولى معاوية بن أبي سفيان خلافة المسلمين فأستكمل عقبة بن نافع مسيرته في الفتوح الإسلامية في شمال أفريقيا وقام بإعادة الضم لتلك المناطق التي خرجت عن طاعة المسلمين في خلال الفتنة ثم كان إمداده من جانب معاوية بن أبي سفيان بعشرة الأف مقاتل فقام عقبة بن نافع بالتوغل في الصحراء وشن عدد من الهجمات الصغيرة على معسكرات الروم ثم كان بناؤوه لمدينة القيروان والتي عدت من أحد أهم مراكز الوجود الإسلامي المؤثرة في المغرب والتي بنى بها عقبة بن نافع مسجده الشهير الذي لا يزال موجوداً إلى عصرنا الحالي وهو جامع عقبة بن نافع والذي أستغرق بناؤوه حوالي الخمسة سنوات ثم كان عزل عقبة بن نافع من جانب معاوية عن الولاية ، ثم كانت عودته إلى مواصلة الفتوحات الإسلامية من جديد في عهد يزيد بن معاوية في عام ( 62 هـ ) ،  وأنطلق القائد الإسلامي عقبة بن نافع على رأس جيوشه فاتحاً الأمصار والبلاد وحتى كان وصوله إلى حدود المحيط الأطلنطي وقام بطرد البيزنطيين من مساحات كبيرة في أفريقيا كانت واقعة تحت سيطرتهم بما ضمن التامين للدولة الإسلامية من خطرهم .

قصة استشهاد عقبة بن نافع

 كان قد أستمر القائد المسلم عقبة بن نافع في مسيرة الفتوحات الإسلامية في بلاد المغرب حتى كان وصوله إلى منطقة السوس القصوى ، و ذلك في أقصى شمال أفريقيا فقام بفتحها ثم عاد مرة أخرى لمدينة القيروان وولى القائد زهير بن قيس البلوى وترك لأصحابه الحرية في التفرق في البلاد ظناً منه أنها قد أصبحت في قبضة المسلمين بينما أنطلق هو مع ثلاثمائة مقاتل إلى منطقة تسمى تهوذة حيث أدرك الروم خروجه مع قلة من المقاتلين المسلمين فأرادوا قتله وقاموا بإغلاق الحصن وتوجيه السباب والشتائم إليه ، بينما كان القائد المسلم يدعوهم إلى الدخول في الإسلام ثم خرج القائد العسكري كسيلة بن لمزم والذي كان قد قام بالاتفاق مع الروم على قتل عقبة بن نافع واستدعى حلفاءه من البربر الوثنيون وجمعوا أنفسهم وقاموا بالدخول في قتال شرس مع عقبة ورجاله و اشتدت وتيرة المعركة وصمد عقبة بن نافع ورجاله أشد الصمود برغم قلة عددهم حتى كان استشهادهم جميعاً على أرض الزاب بمنطقة بتهوذه وكان ذلك في عام ( 63 هـ ) .