هي الصحابية الجليلة أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط بن ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي الأموي، ولدت بمكة المكرمة، وهي من رواة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبوها هو عقبة بن أبي معيط، قتل بغزوة بدر، أمها هي أروى بنت كريز بن ربيعة، أخوها من الأم هو الصحابي الجليل عثمان بن عفان، وكان أبوها شديد الكره للإسلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر أنه حاول في مرة قتل النبي فقام بخنقه حتى اغشي على الرسول صلى الله عليه وسلم من أثر ذلك، كما أن إخوتها الثلاثة وهم الوليد وخالد وعمارة كانوا أيضًا من أعداء الإسلام.
إسلامها رضي الله عنها
أسلمت رضي الله عنها بمكة، ولكنها أخفت ذلك عن أهلها وقومها، بسبب خوفها منهم ومن رد فعلهم أمام إسلامها، ولكنها كان كلما مر عليها يوم تتعلق بالإسلام أكثر فأكثر، حتى أنه لم يعد بداخل قلبها شيء من متاع الدنيا وزينتها، ولم يعد يشغل تفكيرها سوى أمر واحد وهو الفوز برضاء خالقها والفوز بجنته، فانتظرت وصبرت حتى صلح الحديبية.
فكانت رضي الله عنها أول من هاجر إلى المدينة المنورة من النساء، في العام السابع من الهجرة النبوية الشريفة، فهاجرت وحدها، قاطعة المسافات الطويلة دون أن يكون معها من يحميها، وبينما هي في طريقها إذ رأت قابلة لرجل من قوم خزاعة، وكانت خزاعة قد حالفت الرسول صلى الله عليه وسلم، ضد قريش، وعلمها بهذا الأمر جعل الأمان يدخل إلى قلبها، فذهبت مع تلك القافلة وهي مطمئنة، وكان ظنها بهم صحيح، فأصحاب القافلة أكرموها، حتى لحقت برسول الله والمسلمين بالمدينة المنورة، دون أن تفكر بالعواقب، وما سيفعله أخوتها بها.
نزول آية في حقها
وكان من شروط صلح الحديبية أن قريش قد اشترطت على الرسول صلى الله عليه وسلم، أنه إذا هاجر أحد من قريش إلى المدينة، يقوم الرسول برده، فلما وصلت أم كلثوم إلى المدينة لحق بها أخويها عمارة والوليد، وطلبوا من الرسول ردها، وقاموا بتذكيره بالشرط الموجود بعقد الصلح، فقبل أن يرد عليهم رسول الله.
طلبت أم كلثوم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يردها إلى إخوتها، خشية أن يقوموا بردها عن دين الإسلام، وهي امرأة ضعيفة لا تقوى عليهم، ولا على تعذيبهم لها، وهنا جاء الرد من السماء، فأنزل الله عز وجل آية في حقها رضي الله عنها، قال الله تعالى في سورة الممتحنة، الآية 10 ، بسم الله الرحمن الرحيم { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [سورة الممتحنة: 10].
روايتها للحديث رضي الله عنها
حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب أن حميد بن عبد الرحمن أخبره أن أمه أم كلثوم بنت عقبة أخبرته أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيمنى خيرًا أو يقول خيًرا » [رواه البخاري].
زواجها رضي الله عنها
تزوجت رضي الله عنها من الصحابي زيد بن حارثة، ولكنه استشهد في غزوة مؤتة عام 8 هجريًا، فتزوجت بعده من الصحابي الجليل الزبير بن العوام ولكنها تطلقت منه قبل ولادة ابنتها زينب بدقائق، وتعد عدتها منه رضي الله عنه هي أسرع عدة امرأة في التاريخ، ثم تزوجت بعده من الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف، وأنجبت منه إبراهيم، وحميدًا، ثم توفى رضي الله عنه عنها، فتزوجت من الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه، ولكنها ماتت بعد زواجها منه بشهر واحد، وكان هذا في خلافة على بن أبي طالب رضي الله عنه.