التبني هو اتّخاذ الشّخص ولد غيره ابناً له ، وكان الرّجل في الجاهليّة يتبنّى الرّجل، فيجعله كالابن المولود له، ويدعوه إليه النّاس، ويرث ميراث الأولاد. وغلب في استعمال العرب لفظ (ادّعاء) على التّبنّي، إذا جاء في مثل (ادّعى فلان فلاناً) ومنه (الدّعيّ) وهو المتبنّي، قال اللّه تعالى: ﴿وما جَعَلَ أَدْعِيَاءَكم أبناءَكم﴾. ولا يخرج استعمال الفقهاء للفظ التّبنّي عن المعنى اللّغويّ.
حكم التبني في الإسلام
– حرم الله التبني بعدما كان جائزا أيام الجاهلية، وخير دليل على ذلك قوله ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّـهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ
– كانت الآية القرآنية سببا في عودة زيد إلى اسمه الأصلي زيد بن حارثة بعدما كان ينادي زيد بن محمد نسبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
الحكمة من تحريم التبني
– كان لله حكمة في تحريم التبني، منها تجنب أخذ الابن من التبني أحكام الابن من الصلب من الإرث والصلة.
– تجنب الخلوة والمصافحة، والرؤية غير المشروعة مثل رؤية امرأة بغير حجاب وغيرها من الأمور التي تخالف الشريعة الإسلامية.
قصة تبني النبي ﷺ لزيد بن حارثة
– كان زيد بن حارثة أحد المقربين من الرسول قبل البعثة، ولقد حدث أمر جعل الرسول يفكر في تبنيه ليطلق عليه زيد بن محمد.
– عندما كان زيد بن الحارثة لا يزال صغيراً اصطحبته والدته لزيارة أهلها، ليخطف زيد في تلك الزيارة ويباع كأحد العبيد في سوق عكاظ.
– قام حكيم بن حزام بشراء الطفل الصغير الذي يسمى زيد، ثم منحه لعمته السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
– منحت السيدة خديجة عقب زواجها من الرسول صلى الله عليه وسلم، زيد ليقوم بخدمته.
– رآه وتعرف عليه عدد من أقاربه، وأخبروا والده بمكان رؤيته ليذهب متلهفا إليه.
– كان زيد يحظى بمكانة عالية عند الرسول صلى الله عليه وسلم فلقد أحبه وعامله كولده.
– ذهب والد وعم زيد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليستردوه ويعيدوه إلى قومه.
– وطلبوا ذلك من رسول الله، قام بتخيير زيد بن حارثة بينه وبين والده وعمه، فاختار زيد بدون أن يفكر سيدنا محمد.
– تسبب موقف زيد في غضب والده، وقال له أتفضل العبودية على الحرية؟، كان رد زيد أنه وجد هنا معاملة حسنة لم يجدها عند أحد قط.
– فرح سيدنا محمد موقف زيد، وتوجه إلى صخرة أمام الكعبة ووقف عليها قائلا يا أهل قريش اشهدوا، هذا زيد ابني يرثني وأرثه.
– شعر والد زيد بن حارثة وعمه بصدق كلام زيد بعدما رأوا موقف سيدنا محمد وسمعوا حديثه فرحلوا من حيث أتوا وهم مطمئنين.
– عقب البعثة أنزل الله الآية الكريمة التي تقول الآية الكريمة التي تقول: “ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا
– وبتلك الآية تم إبطال التبني وتحريمه ليعود زيد بن محمد إلى اسمه زيد بن حارثة، بالإضافة إلى إعادة نسب كل من تم تبنيه لأبيه الذي أنجبه.
– وقال الرسول صلى الله عليه وسلم عن التبني ليس من رجلٍ ادَّعى لغيرِ أبيه وهو يَعلَمُه إلا كفَر باللهِ، ومَنِ ادَّعى قومًا ليس له فيهم نسَبٌ فليتَبَوَّأْ مَقعَدَه منَ النارِ.
أحكام عن التبني
– يجب مراعاة جميع الضوابط المقررة في الشريعة، من تحريم الخلوة مع زوجة أو بنات المربي. إلا في حال الرضاعة، فيمكن لزوجة المربي إرضاع الطفل ليصبح ابنها بالرضاعة، لتجوز بذلك الخلوة والرؤية.
– في حالة إيجاد طفل يتم تسليمه لولي الأمر.
– في حالة لم يرغب من وجد الطفل في رعايته والإحسان إليه دون أن ينسبه لنفسه يقوم بتسليمه إلى جهات مسئولة.
– الحل الآخر هو أن يقوم بتسجيله وتسميته وإصدار شهادة ميلاد له؛ فلا يكون ذلك بنسبته إلى اسم من وجده ، وإنما إلى اسم عام.
شروط التبني
– أن تحتجب المرأة عن اليتيم الذي تربيه إذا كان ابناً من غير أبنائها نسباً ورضاعة، أو تقوم بإرضاعه أختها أو ابنتها أو أمها، لأنها بذلك تكون خالته، أو أمه، أو أخته من الرضاعة.
– أن تحتجب اليتيمة عن كافلها إذا وصلت سن البلوغ، إلا أن تكون من صلبه أو من محارمه نسباً ورضاعة، أو بنتاً لزوجته التي دخل بها.
– عدم نسبة الطفل اليتيم إلى كافله إنما ينسب إلى والده الحقيقي الذي أتى من صلبه، أو أي اسم آخر غير اسم الشخص الذي قام بكفالته.