كانت غزوة الابواء ما بين الرسول صلى الله عليه وسلم وما بين قبيلة قريش، حيث أنها كانت ستمر بمنطقة بني ضمرة، ويطلق عليها أيضًا غزوة ودان، وقد خرج الرسول تلك الغزوة وكان بحوزته حوالي سبعين مقاتل من المهاجرين، وكانت تلك الغزوة بغرض الفتح الإسلامي ، ولم يكن الغرض منها الدخول بمعركة بقدر رغبة الرسول في عقد هدنة واتفاق وصلح مع قبيلة ضمرة
وكان يساند الرسول بغزوته عمه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وأرضاه حيث أنه كان من تابعين الرسول والمؤمنين بالله ورسوله عند قيام الرسول بالدعوة، فقد ظهر عمه يرفع لواء وراية جيش الرسول أثناء بدء الغزوة وكان لون الراية اللون الأبيض، ولقد حاز الرسول على ما رغب به بتلك الغزوة وأنهاها بصلح دون قتال.
لماذا سميت غزوة الابواء بهذا الاسم
سميت غزوة الابواء بذلك الاسم لقربها من منطقة تسمى “الابواء”، حيث أن غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم كانت تسمى على حسب المنطقة التي تمت فيها أو بناء على سبب حدوثها، مثل غزوة بدر ، وغزوة ودان ، وغزوة أحد ، وغزوة الخندق ، وغزوة الأحزاب ، وغزوة العشيرة ، وغزوة بواط، ومن خلال تلك الأسماء نجد أن أسماء الغزوات كانت مرتبطة بأماكن حدوثها.
تاريخ ومكان حدوث غزوة الابواء
خاض الرسول صلى الله عليه وسلم غزوة الابواء في شهر صفر بعام 2 هجرية أي بعد هجرته من مكة إلى المدينة المنورة بعامين، استغرقت تلك الغزوة حوالي 15 يوم، وكان الغرض منها هي تكوين وعمل صلح وليس خوص حرب، وبالرغم من ذلك كان المهاجرين مع الرسول على استعداد تام لخوض المعركة والموت من اجل الدعوة الإسلامية.
تبعد المنطقة التي تم فيها عمل صلح الغزوة بحوالي 250 كيلو متر عن المدينة المنورة، وما يميز أحداث تلك الغزوة أن كل من قام وجاهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وتحرك من المدينة المنورة كان قد ترك أهله وماله وتجارته وعمله من أجل الدفاع عن الإسلام ورفع رايته، مما يدل على عزة الإسلام والمسلمين بتلك الفترة والحقبة الزمنية التي عاش فيها رسولنا الكريم.
أهداف غزوة الابواء
كان هناك العديد من الأهداف والأغراض الجغرافية والحربية والدينية لتلك الغزوة، ولذلك كان يتصف رسولنا الكريم بعبقرية التجهيز والتخطيط بجانب صفاته الحميدة التي لا حصر لها ولا شك أن ذلك كان بهداية من الله (عز وجل)، يمكننا أن نوضح بشكل تفصيلي أهداف غزوة الابواء من خلال تلك النقاط :
– كان يهدف الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال قيامه بتلك الغزوة التعرف على كل المناطق والطرق والقبائل الموجودة حول المدينة المنورة وبالقرب منها، حتى يستطيع أن يقوم بالتخطيط بشكل دقيق للتوسع والفتح الإسلامي.
– كما أنه كان يهدف إلى القيام بعمل عهود ومعاهدات بين القبائل الموجودة على الطريق الذي يسير إليه إلى المنطقة التي قامت فيها غزوة الابواء.
– لم يكن الهدف فقط مقتصر على تحقيق فتوحات، بل في إعلام كل القبائل بقوة الإسلام والمسلمين، مما يحميهم من قيام أي قبيلة بغزو الرسول في المدينة، وبذلك يكون قد قام بردعهم عن إيذاء المسلمين، وبذلك أيضا سيتجنب الرسول صلى الله عليه وسلم كل طرق الأذى له ولأهل المدينة ولمن اتبعوه من أهل قريش، حيث أن الكفار بقريش اعتمدوا على القلة العددية للرسول وتابعيه، لذلك يتجنب الرسول كل ما يقوم بإضعافه، وذلك ما ساعده على الفتوحات الإسلامية، وجعله يقوم بعقد الكثير من المعاهدات.
– بتلك الغزوة استطاع الرسول أن يقوم بتحرير كل من آمنوا بالرسول في قريش ويحميهم من أشكال التعذيب والترهيب والاستعباد التي تعرضوا لها.
اتفاقية الرسول مع بني ضمرة
لقد وفق الرسول صلى الله عليه وسلم بتلك الغزوة واستطاع أن يقوم بعقد هدنه ومعاهدة مع بني ضميرة دون أن يقتل أي جندي من جيشه، وبدون أي شكل من أشكال القتال، وتمت تلك المعاهدة ما بين “عمارة بن مخشي الضمري الكناني” وهو سيد قبيل ضميرة وما بين رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
من خلال تلك المعاهدة استطاعت أن تحصل قبيلة بني ضميرة على عهد السلام والعيش بدون قتال أو حرب مع المسلمين بدون حرب، ولا شك أن لتلك الغزوة انطباع على كل القبائل التي تتواجد حول المدينة، حيث بدء الجميع في استخدام السلام والمسالمة والتنازل عن فكرة الحرب والعدوان مع المسلمين.