مزدلفة هي المشعر الحرام وذلك السبب في تسميتها بهذا الاسم أن الناس يقتربون فيها من منى، ويسمى هذا القرب ازدلافًا، وجاء في بعض الأبحاث أنها سُميت بهذا الاسم لأن الحجاج يجتمعون في هذا الموضع في وقت الليل، ويسمى هذا الاجتماع الازدلاف، حيث يزدلف الأفراد إلى الله سبحانه وتعالى، ويعني هذا الاقتراب إليه من خلال وقوفهم في عرفة وازدلافهم منها إلى منى، وتُسمى مزدلفة جمعًا لأنه يتم فيها جمع النسك بين صلاة المغرب والعشاء.
الإفاضة إلى مزدلفة
تعتبر مزدلفة الموقع الذي يوجد بين عرفات ومنى، وتتم الإفاضة إلى مزدلفة بإتباع عدد من الخطوات والمناسك وهي :
ـ الذهاب إلى مزدلفة بعد غروب الشمس.
ـ الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء عند الوصول إليها جمعًا وقصرًا بآذان واحد وإقامتين.
ـ يفضل الصلاة قبل جمع الحصى، وقبل حط الرجال.
ـ المبيت في مزدلفة، وهو من الواجبات المفروضة على الحاج حتى طلوع الفجر، ويفضل وقت الأسفار، ويجوز أن يغادر الضغفاء من النساء والرجال بعد غياب القمر، لتجنب تعرضهم إلى الازدحام.
ـ التقاط سبع حصوات من أي مكان لرمي جمرة العقبة الأولى.
ـ الذهاب إلى منى قبل طلوع الشمس.
ـ المبيت بمزدلفة وهو واجبًا من واجبات الحج اقتداءًا بالرسول الكريم صلّ الله عليه وسلم.
ـ يجب الإكثار فيها من قول (اللَّهمَّ آتِنا في الدُّنيا حَسنةً وفي الآخرةِ حَسنةً وقِنا عذابَ النَّارِ)، كما قال الله تعالى: (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ).
مدة البقاء في مزدلفة
تباينت آراء المذاهب الإسلامية حول المدة الواجب على الحاج المكوث فيها بمزدلفة، فيرى أصحاب المذهب الشافعي أن على الحاج أن يمضي نصف الليل في مزدلفة، أما المذهب الأوسط بين الحنفي والمالكي فيرى أن الإنطلاق من مزدلفة لابد أن يكون بعد منتصف الليل، ويرى المذهب المالكي إلى إمضاء جزء من الليل فيها، وفي المذهب الحنفي يكون البقاء بمزدلفة معظم الليل.
وإذا كان الحاج مع عائلته فيستحب في ذلك الوقت أن يكون الإنطلاق من مزدلفة بعد أداء صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير، وبعد التقاط حصيات جمرة العقبة، ويكون بعد منتصف الليل، حيث يُعد كل موضع من مواضع مزدلفة موقفًا، ويفضل الذهاب إلى المشعر الحراما لمن كان معه متسعًا من الوقت.
فضل العشر من ذي الحجة
وفيما يخص فضل العشر من ذي الحجة فورد فيها الكثير من الفضائل، حيث قال تعالى ” والفجر وليال عشر “، وأوضح الكثير من المفسرين أن هذه الليالي هي العشر من ذي الحجة، وهي يتعلق بها العديد من الأحكام والآداب والفضائل، وهي أيام مباركة يضاعف فيها العمل، ويستحب فيها الاجتهاد في العبادة، وزيادة عمل الخير والبر بشتى أنواعه، ذلك لأن العمل الصالح في تلك الأيام من أفضل الأعمال عما سواها من باقي أيام السنة، فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّ الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» أخرجه أبو داود وابن ماجه وغيرهما.
حكم صوم يوم عرفة
أما فضل يوم عرفة وهو اليوم التاسع من ذي الحجة فأن صيامه سنة فعلية فعلها النبي صلّ الله عليه وسلم فقد روى أبو قتادة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلّ الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» أخرجه مسلم، أي أنه يسن لغير الحاج صيام يوم عرفة التاسع من ذي الحجة وصومه يكفر سنتين سنة ماضية وسنة مستقبلة، وهو اليوم الذي يقف فيه المسلمين الحجاج على جبل عرفات للتهليل والتكبير والتحميد .