فضَّل الله عز وجل شهر رمضان على سائر الشهور، فاختصَّه بأداء فريضة الصيام التي تُعَد واحدة من أعظم العبادات وأحبها إلى المولى عز وجل. ولم يقتصر الأمر على صيام الشهر فحسب، بل تفضل سبحانه وتعالى على أيام ذلك الشهر ولياليه فجعلها أيام رحمة ومغفرة وعتق من النار، تتضاعف فيها الحسنات وتُمحَى الخطايا والسيئات، وذلك لمن حسُن صيامه وقيامه وتضرعه للمولى عز وجل آناء الليل وأطراف النهار؛ لذا يتساءل البعض عن دعاء العشر الوسطى من رمضان ليتقربوا به إلى المولى عز وجل في أوقات الاستجابة.
دعاء العشر الوسطى من رمضان
عن أبي هُريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ليس شيء أكرم على الله من الدعاء”، كما قال صلى الله عليه وسلم: “الدعاء مخ العبادة”، مما يدل على أهمية الدعاء والتضرع لله عز وجل، حتى أنه صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّه من لم يسأل الله يغضب عليه”. إلا أنَّه لم يثبُت في كتاب الله ولا في سنة رسوله ما يُطلق عليه دعاء العشر الوسطى من رمضان، فقد قال تعالى في سورة البقرة: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ“، أي أنه سُبحانه يستجيب للمسلم ما دعاه بخير، بغض النظر عن صيغة الدعاء أو مضمونه أو وقته.
ولا شك أن أفضل ما يَدعو به العبد ربه في كل وقت وحين هي الأدعية الواردة في كتاب الله عزَّ وجل وسنة رسوله، والتي يُمكن أن تُقال ضمن دعاء العشر الوسطى من رمضان أو في غيرها من الأيام، نذكُر منها:
- اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار.
- اللهم إني ظلمتُ نفسي ظُلْمًا كثيرًا، ولا يغفرُ الذنوبَ إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عِندِك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم.
- اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغِنى.
- ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قُرَّةَ أعين واجعلنا للمتقين إمامًا.
- ربنا آتنا من لدنك رحمَةً وهيئ لنا من أمرنا رشَدًا.
- ربنا افرغ علينا صبرًا وتوفنا مسلمين، أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.
- ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
- ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
- ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقةَ لنا به، واعفُ عنا واغفر لنا وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.
- اللهم إني أَسألك مِنَ الخير كله عاجله وآجله، ما علمتُ منه وما لم أعلم، وأعوذ بكَ من الشر كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وأعوذ بك من شر ما عاذ منه عبد ونبيك، اللهم إني أسألك الجنة وما قرَّب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بِكَ من النارِ وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء تقضيه لي خيرًا.
فضائل شهر رمضان
اختص المولى عز وجل شهر رمضان بالعديد من الأمور التي جعلته أفضل شهور السنة وأعظمها، ومن هذه الأمور:
- فريضة الصيام: فقد فرض الله صيام شهر رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصيام. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئد ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤٌ صائم، والذي نفس محمد بيده، لخُلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه” متفق عليه.
- ليلة القدر: ففي شهر رمضان ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وهي ليلة مباركة أمرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن نلتمسها في العشر الأواخر من الشهر المبارك، وأن نُحيي هذه الليلة بالقيام والدعاء والتضرع لله عز وجل. وعن فضل تلك الليلة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه” صحيح البخاري ومسلم.
- إطعام الطعام: فحين حث المولى عز وجل على الإطعام، وجعل في إطعام الصائم ثوابًا عظيمًا، اعتُبِرَ الإطعام سمة مميزة من سمات الشهر الفضيل، فكثُرَ فيه الخير، وقلت الحاجة، وامتلأت البيوت بركة.
- العتق من النار: فقد قال صلى الله عليه وسلم: “إن لله عند كل فطر عتقاء، وذلك في كل ليلة”، أي أن كل أيام شهر رمضان المبارك أيام عتق من النار، كما أن كل أيامه رحمة، وكلها مغفرة، والفائز هو من يتحرَّى رحمة الله ومغفرته وعتقه كل ليلة حتى ينالها.