أتي الإسلام منادياً بالاهتمام بصلة الرحم وأعطها منزلة كبيرة، فهي التي تساعد على الحفاظ على الأسرة التي تعد اللبنة الأساسية للمجتمع المسلم التي تساعد على جعله مترابط وتماسك ليسود بينهم المحبة والإخاء في الله، وهو جزء مهم لإعمار الأرض وقيام الإنسان بدوره بشكل أمثل في الاستخلاف في الأرض.

الحد الأدنى من صلة الرحم

قال أبي أيوب الأنصاري في حديث نبوي شريف عن أن رجلاً سأل رسول الله عن عمل يدخله الجنة فقال له : (( تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم)) رواه البخاري وسلم وكما نري أن رسول الله قد وضع صلة الرحم مع ثلاث أركان من اركان الاسلام الخمسة.

لقد أهتم الرسول (صل الله عليه وسلم) بصلة الرحم وقد عد الله سبحانه وتعالي قطيعة الرحم من عمل الكفار والمشركين، فقد قال الله تعالي في سورة محمد آية 22 (فَهَلْ عَسَيْتُمْ ان تَوَلَّيْتُمْ ان تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)

وهناك العديد من الآيات والأحاديث الشريفة التي تتحدث عن صلة الرحم ومكانتها في الإسلام وأهميتها في الدين الإسلامي، فقد ورد في حديث صحيح عن النبي (صل الله عليه وسلم): (إن الله تعالى لما خلق الخلق ففرغ منه قامت الرحم فأمسكت بساق العرش، فقالت: يا رب هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال: “أما ترضين ان أصِلَ من وصلك، وأقطع من قطعك؟) وهذا وعد عظيم من الله عز وجل بالوعيد الشديد للذين يقطعون الأرحام بأن الله يقطعهم وهذا يعني عدم التوفيق لهم وعدم قبول الأعمال منهم ولا يوفقهم الله للخير.

ووعد من الله لمن يصل صلة الرحم أن يصله عز وجل ما أجمله من وعد من رب العزة، ولصلة الرحم حد أدنى وحد أقصى تختلف على حسب درجات القرابة حيث أن صلة رحم اقارب الدرجة الاولى تختلف عن باقي الدرجات، حيث تنقسم إلى ثلاث أقسام وهي:

المقام الأول هم من يرثوك وترثهم

هذا المقام هو أقرب درجات الرحم لابد من أن تصلهم، لا شك أن المقام الأول الذي يأتي فيه الوالدين من أكبر الأرحام وأهمها في الوصل ومن يقطع هذا الرحم من المسلمين فهو مسخوط الشهادة إن لم يتوب إلي الله ويرجع ويبر والديه ويصلهم، كما أن توبته عن هذا الذنب لا يعني أنه أزال هذا الذنب بل يجب أن يتم الغفران من الله ومن الوالدين أصحاب الحق على هذا الشخص العاق فإن غفروا له غفر الله له.

المقام الثاني من تنسب إليه أو عرف نسبه إليك

وهذا هو الوسط من درجات الرحم، فكلمة رحم تطلق على أقاربك الذين توجد بينك وبينهم نسب مثل الخال والعم، والرحم نوعان رحم محرم ورحم غير محرم:

الرحم المحرم

هو أي أثنين لا يجوز بينهم الجواز مثل الأخت والخالة والعمة والجدة وبنت الأخت والأخ، هؤلاء الأرحام ومن على شاكلتهم لا يختلف العلماء على وجود صلتهم.

الرحم الغير محرم

وهو الرحم الذي لا يمنع فيه الزواج مثل بنت العم أو بنت العمة، بنت الخال أو بنت الخالة، وهذا النوع من الرحم أختلف العلماء على وجوب وصلهم مثل النوع الأول، ورجح وصله مثل النوع الأول للحافظ ابن حجر.

المقام الثالث هو العشيرة التي تنتمي إليها

هو أدنى درجات الرحم.

مظاهر صلة الرحم

أما عن مظاهر الصلة الرحم في لست نوع واحد أو طريقة واحدة وليست بمدة محددة، حيث يخطئ الناس الفهم أن الصلة هي بالزيارة، ولكن هذا غير صحيح فلابد أن يكون هناك نفع لمن لك رحم عنده إذا كنت تملك النفع لهم، مثل قيامك بتحسس أحوالهم وتفقد اخبارهم، ومن الممكن أن تواسيهم بالمال إذا كانوا فقراء على قدر استطاعتك، وكذلك حضور المناسبات والمساعدة والمشاركة فيها على قدر المستطاع.