قال تعالى {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } سورة آل عمران الآية 104 ، وقال تعالى أيضًا {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} سورة آل عمران الآية 110. وقال صلّ الله عليه وسلم ” والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا من عنده ” . وجاء في الأثر عن سفيان الثوري رحمه الله أنه قال : لا يأمر بالمعروف أو ينهي عن المنكر إلا من كان فيه خصال ثلاث : رفيق بما يأمر رفيق بما ينهي ، عدل بما يأمر عدل بما ينهي ، عالم بما يأمر بما ينهي .
مفهوم الدعوة إلى الله
الدعوة إلى الله تعالى هي أصلًا دعوة الله تعالى الصادرة منه إلينا عن طريق أنبيائه ورسله عليهم السلام ، وخاتمهم سيدنا محمد صلّ الله عليه وسلم وخصه دونهم بأنه أوحى إليه الشريعة الكاملة التامة الناسخة لغيرها من الشرائح فالدعوة إلى الله هي الدعوة إلى الإيمان بالله وبما جاء به الأنبياء والرسل عليهم السلام وطاعتهم فيما أمروا به وانتهاء عما نهوا عنه وتصديق ما أخبروا به الله تعالى .
أما الدعوة المقصودة هنا هي الدعوة إلى دين الإسلام خاتم الأديان وأتمها وأكملها ، ذلك الدين الذي تكفل الله تعالى بحفظه ، على حين وكل حفظ الأديان الأخرى للناس ، ولذلك بقى دين الإسلام وحده دون بقية الأديان دون تحريف أو تبديل فالدعوة إلى الله بهذا المفهوم تجب أن توجه إلى كل الناس في كل زمان ومكان وهذا واجب المسلمين جميعًا رجالًا ونساءًا لأن أحسن القول الدعوة إلى الله تعالى لقوله { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} سورة فصلت
فرضية الدعوة
بذلك تصبح الدعوة فريضة مستمرة من أجل إعلاء كلمة الله لقوله تعالى {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} سورة آل عمران الآية 110.
تعريف الدعوة
تأتي كلمة الدعوة من الفعل دعا وتأتي بمعنى الدعاء وهو العبادة أو النداء وتأتي كذلك بمعنى الدعوة إلى الشيء مثال الدعوة إلى الطعام والدعوة أيضًا تأتي بمعنى السؤال والدعوة بمعنى السؤال كقوله تعالى على لسان بني إسرائيل عندما أمرهم أن يذبحوا البقرة {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} سورة البقرة ويقصدون بذلك أسال لنا ربك ومن معاني الدعوة الأذان هو النداء لدخول وقت الصلاة ومن معانيها الدعاية بمعناها الحسن وليس المعنى القبيح المتداول ففي كتاب الرسول صلّ الله عليه وسلم إلى هرقل قال أدعوك بدعاية الإسلام والدعوة هنا بمعنى النداء .
مفهوم الدعوة اصطلاحًا : فالدعوة في العرف والاصطلاح لها أكثر من مفهوم وقد تعددت الآراء وتباينت الأفكار كل حسب ما يُفهم من المعنى المقصود والدعوة في الدين الإسلامي تعني النشر والبيان لغير المسلمين ، فهي التي تعرف بالإسلام وتدعو له وتعلمه وتنشره بين الناس لذا لا يمكن أن تكون الدعوة هي الإسلام نفسه .
ولذلك تعريف الدعوة هي جمع الناس على الخير ودلالتهم على الرشد بأمرهم بالمعروف والنهي عن المنكر .
فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
فضل الدعوة وأهميتها من فضل الإسلام وأهميته لأن الدعوة هي التي تدعو له وتعرف به وتعلمه للناس فالدعوة أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يبلغ بها الدين ويرشد بها الضال ويعلم بها الجاهل وينبه بها الغافل ويقام بها الحق والعدل ويبطل بها الباطل ويحمى بها المجتمع من الفساد الفكري الثقافي والأفكار المنحرفة والعقائد الفاسدة وتجلب بها المصالح وتدفع بها المضار ، ويجمع بها شمل الأمة وتوحد بها صفوفهم وبها تبذل النصيحة .
ويظهر فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإصلاح والحماية والنصح والرشد وهي خطة من خطط العمل لخدمة أفراد المسلمين وحمايتهم بغية إصلاحهم وحمايتهم من الانحراف عن صراط الدين وذلك من خلال الأمر بها والحرص على تبليغها لقوله تعالى {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } سورة آل عمران الآية 104 ، فالآية تشير إلى بأنه لابد من جماعة تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر ولابد من سلطة تقوم بهذا الواجب فمدلول النص القرآني يقرر ذلك .
حاجة الناس للدعوة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
لقد خلق الله تعالى الإنسان وميزه عن سائر خلقه تعالى فقال : {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} سورة الإسراء الآية 70 ، فلقد كرم الله تعالى الإنسان بالفكر وخيره بالعقل ليميز بين القبيح والحسن ويفرق بين الحق والباطل ولكن العقول البشرية وحدها لا تستقل بإدراك المصالح الدنيوية فضلًا عن الأخروية ولا تهتدي وحدها إلى الخير والشر ولا المعروف من المنكر ، ولذلك اشتدت حاجة الناس إلى المصلحين والدعاة الناصحين الذين يعلمون الناس دينهم من أجل سعادتهم في الدارين .