قال الله تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) آل عمران: 104، وقال الله جل وعلا: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) التوبة:71، ووصف الله تعالى أمة الإسلام بالخيرية فقال: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) آل عمران:110.
من خلال هذه الآيات الكريمة، يتبين لنا أمر في غاية الأهمية ذكره الله عز وجل في كثير من آياته، ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا الواجب العظيم الذي حثش عليه الخالق جل وعلا في كتابه العزيز، وذكره نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم في سنته الشريفة، فما معناه؟ ولماذا جاء الحث عليه؟ وكيف نؤديه على النحو الذي يرضى الله تعالى عنا؟ وأمور أخرى متعلقة به.
فالأمة الإسلامية إذا لم تهتم بهذا الواجب فسوف تتفرق وتتمزق، فيكون هذا هو مطلب أعداء الإسلام. والمتابع للواقع الدعوى اليوم يلمس قصورا بينا في ضوابط وفهم أولويات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بين عامة الناس، مما أدى إلى تبدد الجهود والطاقات في الأعمال المفضولة على حساب الأعمال الفاضلة.
أهمية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
– وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أهمية كبيرة وعظيمة تعود على الفرد والأسرة والمجتمع، وقد ذكر الأستاذ محمود عبد المطلب في كتابه أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أهمية هذا الواجب العظيم وفضله ومما ذكره:
– أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجب شرعي عظيم يحمي أمتنا الإسلامية من أن يغشاها الفساد وأن يتسلط عليها الظالمون.
– أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فريضة عظيمة من الفرائض يستقيم بها الأمر كله.
– أنه صدقة من الصدقات يرفع الله بها الدرجات، ويزيد بها الحسنات ويحط بها كثيرًا من السيئات.
– ورغم أهمية هذا الواجب إلا أن المسلمين تخلو عنه، وبعدوا عنه بسبب صعوبته ومشقته وتعارضه مع شهوات الناس وأهوائهم، هذا فضلًا عن بعدهم عن خالقهم ومولاهم واسترسالهم في مداهنة واسترسالهم في مداهنة الخلق، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مراتب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
أما مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد وردت في حديث الرسول المصطفى صلى الله عليه سلم في قوله: “من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان” رواه مسلم.
– المرتبة الأولى: الإنكار باليد مع القدرة على ذلك، وهذا خاص بمن له ولاية من مسؤول أو محتسب ممن يقدر على ذلك.
– المرتبة الثانية: أن عجز عن الإنكار باليد انتقل إلى الإنكار باللسان، فيعظهم ويذكرهم ويعاملهم بالأسلوب الحسن مع الرفق.
– المرتبة الثالثة: الإنكار بالقلب وهي آخر المراتب ولا رخصة لأحد في تركها البتة، بل يجب ترك المنكر وبغضه بغضًا تامًا مستمرًا، وهذا يقتضي مفارقة أهل المعصية ومجانبتهم حال معصيتهم.
– وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسائل وأساليب، وللقائم به آداب يجب أن يتحلى بها حتى لا يذهب عمله سدى، قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) النحل: 125.
شبهات حول الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
– الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر له مكانه عظيمة في الإسلام لدوره الفاعل في بناء المجتمع الإسلامي الزى يقوم على الفضيلة والخلق والاستقامة والكرامة، حيث ترتب على إيجابة أن يصبح الأفراد ملزمين بأن يوجه بعضهم بعضا، للضمان الكافي على المفاسد قبل ظهورها واستفحالها.
– فالحاكم في نظر الإسلام وهو نائب عن الأمة في تنفيذ شرع الله فيها، وذلك بأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، حتى يستقيم أمرها لذا نجد قدوتنا في ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فهو أول من قام بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وعلى نهجه سار الخلفاء الراشدون، فصلح أول هذه الأمة، بكل ما هو داخل في دائرة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر في الدعوة إلى مكارم الأخلاق وصلة الرحم والإحسان والصبر والتمسك بشرع الله وتحكيمه وتزكية النفوس بفضائل الأعمال، فالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فهو دعوة إلى الخير وأمر به ونهى عن الشر وكفر به فهذه وظيفة الرسل والأنبياء عليهم السلام ومن تبعهم لنصرة شريعة الله وإعلاء كلمته، وبإقامة الحجة على من خالف شرع الله فلا عجب إذا وجدنا من يحاول صد الناس عن دعوة الخير، ولكن هيهات، قال تعالى: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) التوبة (32).
ايات قرآنية وأحاديث شريفة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
– قال تعالى (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) آل عمران (104).
– قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) آل عمران (110).
– قال صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده).
– قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)