يعد الملتزم هو ذلك المكان الواقع بين باب الكعبة والحجر الأسود، ويبلغ طوله أربعة أذرع أي ما يعادل متران بالتقريب، فعن ابن عباس قال: “الملتزم ما بين الركن والباب”، ويعد الملتزم هو موقع الدعاء المجاب، ومن السنن أن نقوم بالدعاء فيه مع إلصاق الصدر والخدين والكفين والذراعين.
منطقة الملتزم
وكان ابن عباس يفعل ذلك ويقول: “لا يلتزم ما بينهما أحد يسأل الله شيئاً إلا أعطاه الله إياه”، وكما ذكر أن عبد الله بن عمرو بن العاص قام بالطواف وصلى ثم اتجه إلى ذلك الركن وقام بين الباب والحجر وقام بإلصاق يديه وصدره وخده إليه وقال: “هكذا رأيت رسول الله يفعل”، وقال أبو الزبير أنه رأى عبد الله بن عمر وابن عباس وعبد الله بن الزبير ما يقومون بالإلتزام به، وقال ابن عباس: “أن ما بين الحجر والباب لا يقوم فيه إنسان فيدعو الله بشئ إلا رأى في حاجته بعض الذي يحب”.
الدعاء في الملتزم
لا يوجد هناك دعاء بعينه يقوله المسلم في ذلك المكان، وله أن يقوم بالإلتزام إذا تمكن عند دخوله إلى الكعبة، وله أن يفعل ذلك قبل القيام بطواف الوداع، ومن الممكن أن يفعل ذلك في أي وقت من الأوقات، ويجب على الداعي أن لا يطيل في الدعاء حتى لا يضيق على غيره، كما أنه لا يجوز إيذاء الناس أو مزاحمتهم من أجل فعل ذلك، فإذا رأى مجالا أو فسحة قام بالدعاء وإلا يكفي أن يقوم بالدعاء في سجود الصلاة أو في الطواف.
– وما ذكر عن الصحابة رضي الله عنهم في الإلتزام هو أكثر صحة مما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الرحمن بن صفوان قال: “لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قلت: لألبسن ثيابي، وكانت داري على الطريق فلأنظرن كيف يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج من الكعبة هو وأصحابه وقد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطهم”. رواه أبو داود وأحمد.
– وعن عمرو ابن شعيب نقلا عن أبيه أنه قال: “طفت مع عبد الله فلما جئنا دبر الكعبة قلت: ألا تتعوذ؟ قال: نعوذ بالله من النار، ثم مضى حتى استلم الحجر، وأقام بين الركن والباب، فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا وبسطهما بسطا، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله. رواه أبو داود وابن ماجه.
– وقال ابن تيمية شيخ الإسلام: “وإنْ أحبَّ أنْ يأتيَ الملتزم -وهو ما بين الحجر الأسود والباب- فيضع عليه صدره ووجهه وذراعيه وكفيه ويدعو ويسأل الله تعالى حاجته فعل ذلك، وله أنْ يفعل ذلك قبل طواف الوداع فإنَّ هذا الإلتزام لا فرق بين أنْ يكون حالَ الوداع أو غيره، والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين دخول مكة، وإنْ شاء قال في دعائه الدعاء المأثور عن ابن عباس: اللهمَّ إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرتَ لي مِن خلقك وسيرتَني في بلادك حتى بلغتَني بنعمتِك إلى بيتِك وأعنتَني على أداء نسكي فإنْ كنتَ رضيتَ عني فازدَدْ عني رضا وإلا فمِن الآن فارضَ عني قبل أنْ تنآى عن بيتك داري فهذا أوان انصرافي إنْ أذنتَ لي غير مستبدلٍ بك ولا ببيتِك ولا راغبٍ عنك ولا عن بيتِك اللهمَّ فأصحبني العافيةَ في بدني والصحةَ في جسمي والعصمة في ديني وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتَني واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة إنك على كل شيء قدير.
أما الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه فقال: “وهذه مسألة اختلف فيها العلماء مع أنها لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم (أي أنها لم ترد في أي حديث صحيح، بالإستناد على الأحاديث الضعيفة التي وردت في ذلك)، وإنما عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، فهل الالتزام سنة؟ ومتى وقته؟ وهل هو عند القدوم، أو عند المغادرة، أو في كل وقت؟
الاختلاف بين العلماء حول الملتزم
– وسبب الإختلاف بين العلماء هو عدم ورود ذلك في السنة المنقولة عن نبي الله صلى الله عليه وسلم، أما عن الصحابة رضي الله عنهم فقد كانوا يقومون بفعل ذلك عند القدوم.
– وقال العديد من الفقهاء يتم فعله عند المغادرة فيقوم بالإلتزام في الملتزم، وهو المكان بين الركن الواقع فيه الباب والحجر، لذلك فإنه لا ضرر من الإلتزام طالما يخلو من الضيق والأذى.
– ويفضل الوقوف في الملتزم والدعاء بعد الشرب من مياه زمزم، فقد روى البيهقي عن ابن عباس، أنه كان يقوم بالإلتزام ما بين الباب والركن، وكان يقول: “ما بين الركن والباب يدعى الملتزم، لا يلزم ما بينهما أحد يسأل الله شيئا إلا أعطاه الله إياه”.
– ويعتقد البعض أن الملتزم هو الحطيم، أما البخاري فيرى أن الحطيم هو الحجر الأسود نفسه.