عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم »، هكذا جاء دين الإسلام ليدعوا إلى المساواة بين الناس جميعًا.
الرق قبل الإسلام
عند ظهور الدعوة المحمدية كان الرق منتشرًا في جميع أنحاء العالم بأشكال و أساليب مختلفة، فكانت هناك شعوب وقبائل كاملة تندرج تحت طوائف الرق، وذلك إما بسبب اللون، أو العرق، أو تعرض الفرد لبعض الظروف التي تسلبه حريته مثل خطفه أو كونه أسير في الحرب أو تعرض الشخص لبعض الظروف الاجتماعية التي تجعله يبع نفسه، أو يبيع أحد أولاده، وكان الرق او العبودية في ذلك الوقت قوة اقتصادية هائلة يعتمد عليها المجتمع في جميع شؤون حياته
كيف عالج الإسلام قضية الرق
قدم الإسلام أكثر الحلول الإيجابية لعلاج هذه المشكلة، فلم يمنع الرق مرة واحدة حتى يضمن عدم حدوث أي زعزعة في المجتمع في ذلك الوقت فقد كان الاعتماد الأساسي على العبيد في قضاء كافة الأمور والشؤون الحياتية لهم. بل دعى إلى معالجة هذه القضية بشكل تدريجي يتناسب مع طبيعية تقبل الفرد للتغييرات الكبيرة في المجتمع.
فبدأ الأمر بنشر المفاهيم الصحيحة في المجتمع عن طريق النهي عن قول عبدي أو أمتي، فكلنا عبيد الله الواحد الأحد، قال أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي، كلكم عبيد الله ونساءكم إماء الله، ولكن ليقل غلامي وجاريتي وفتاي وفتاتي » .
ثم الدعوة إلى السواسية بين الناس وقد كان هذا الفكر مرفوضًا تمامًا من ذي قبل، فكيف تسوي بين العبد والسيد إلا أنه أصبح بعد الإسلام أمرًا عاديًا، وكان ذلك من خلال الأحاديث والتعاليم الدينية التي أكد عليها القرآن الكريم، قال الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [سورة الحجرات:13] وهو ما حدثنا عنه نبينا الكريم، فقال صلى الله عليه وسلم: « يا أيها الناس، ألا إن ربكم عز وجل واحد، ألا و أن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ألا لا فضل لأسود على أحمر إلا بالتقوى، ألا قد بلغت؟ قالو نعم، قال: ليبلغ الشاهد الغائب » [ صححه الألباني بسندٍ صحيحٍ عن جابر بن عبد الله
وأخيرًا قام الإسلام بتضييق منابع الرق و حصرها على أبناء العبيد و أسرى الحروب، ثم حث بعد ذلك على تحرير الرقيق تدريجيًا حتى تم القضاء عليه نهائًيا، قال الله عز وجل في كتابه العزيز { فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ } ، هكذا دعا الله عز وجل إلى تحرير و عتق العبيد، كما قال صلى الله عليه و سلم « من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منه عضوا منه من النار حتى فرجه بفرجه » .
كيف انتهى زمن الرق و العبودية
شرع الإسلام عتق الرقاب كفارة لما يقوم به الناس من ذنوب، فجعل الإسلام عتق الرقاب من بين الأمور التي يمكن أن يكفر بها المسلم عن الحنث عن اليمين (الحلف بالله على فعل شيء لم يقوم به) حيث قال تعالى: { لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ }، كما دعا الإسلام أيضا إلى عتق رقبة ككفارة للقتل الخطأ ، حيث قال تعالى في كتابه العزيز: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ }
كما جعل الإسلام عتق الرقاب أيضا كفارة الظهار – أن يقول الرجل إلى زوجته أنت علي كظهر أمي-، حيث قال تعالى: { وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۚ ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } كما حلل الإسلام للعبد تحرير نفسه مقابل مبلغ من المال ، حيث قال تعالى: { وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ } حتى انتهى زمن الرق و العبودية تدريجيًا.