هذه الآيات الآية ١٥ من سورة البقرة، وهي سورة مدنية وآخر سورة أنزلها الله من السماء نزلت في حجة الوداع ولها مكانة كبيرة حيث أنها تحتوي على الكثير من الحكم والمواعظ وفي هذا المقال تتفسير للآية الكريمة ” الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون “
معاني كلمات قول الله تعالى ” الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ”
الله يستهزئ بهم : أي أن الله يرد للمنافقين استهزائهم وسخريتهم يوم القيامة عقابا لهم .
يمدهم: أي يزيد المنافقين كفرا وطغيانا، أو يتركم في كفرهم وطغيانهم .
في طغيانهم : تعود على المنافقين .
يعمهون: يتمادون ويستمرون .
تفسير ابن كثير:
فسر العالم الإسلامي ابن كثير قول الله تعالى: ” الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون “ان المنافقون عندما يلتقون بالمؤمنين يزعمون بأنهم آمنوا ويظهرون الإيمان والموالاة وذلك غرورا ونفاقا ومصانعة وتقية منهم للمؤمنين، وحتى يشركوهم فيما حصلوا عليه من خير ونعم.
قال ابن عباس: يسخر بهم للنقمة منهم { ويمدهم} يملي لهم، وقال مجاهد: يزيدهم كقوله تعالى: { أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} ، قال ابن جرير: أخبر تعالى أنه فاعل بهم ذلك يوم القيامة في قوله تعالى: { يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم} الآية، وفي قوله: { ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما} الآية، قال: فهذا وما أشبهه من استهزاء اللّه تعالى ومكره وخديعته بالمنافقين وأهل الشرك، وقال آخرون: استهزاؤه بهم توبيخه إياهم، ولومه لهم على ما ارتكبوا من معاصيه، وقال آخرون: قوله: { الله يستهزئ بهم}
وتفسير قوله تعالى : { يخادعون الله وهو خادعهم} ، وقوله: { نسوا الله فنسيهم} وما أشبه ذلك إخبار من اللّه أنه مجازيهم جزاء الاستهزاء، معاقبهم عقوبة الخداع، فأخرج الخبر عن الجزاء مخرج الخبر عن الفعل الذي استحقوا العقاب عليه، فاللفظ متفق والمعنى مختلف يسمى هذا النوع عند علماء البيان المشاكلة وهو أن تتفق الجملتان في اللفظ وتختلفا في المعنى كقول القائل: قالوا اقترح شيئا نجد لك طبخه ** قلت: اطبخوا لي جبة وقميصا كما قال تعالى: { وجزاء سيئة سيئة مثلها} .
وقوله: { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه} فالأول ظلم والثاني عدل، فهما وإن اتفق لفظهما فقد اختلف معناهما، وإلى هذا المعنى وجهوا كل ما في القرآن من نظائر ذلك والعمه: الضلال، يقال: عمه عمهاً إذا ضل، وقوله: { في طغيانهم يعمهون} أي في ضلالتهم وكفرهم يترددون حيارى، لا يجدون إلى المخرج منه سبيلاً لأن اللّه قد طبع على قلوبهم، وختم عليها، وأعمى أبصارهم عن الهدى فلا يبصرون رشداً ولا يهتدون سبيلاً، وقال بعضهم: العمه في القلب، والعمى في العين، وقد يستعمل العمى في القلب أيضا كم قال تعالى: { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} .