جميعنا نسعى بشكل مستمر للحصول على الرزق ، و نبحث عن الأدعية التي تمكننا من الحصول على الرزق الوفير ، دون أن نبحث في ماهية هذا الرزق و نظرة الدين الإسلامي له .
الإسلام و الحث على العمل
اهتم الدين الإسلامي بالعمل و السعي له ، و لذلك هناك العديد من الآيات الكريمة و الأحاديث الشريفة التي تحث على العمل ، و من بينها قوله تعالى وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105) ( سورة التوبة ) ، و كذلك قوله تعالى هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) ( سورة الملك ) ، هذا إلى جانب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حثنا على العمل ، و ذلك اعتمادا على قوله صلى الله عليه وسلم ( إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها ) ( أخرجه أبو داوود ) .
الرزق ليس المال
نظر الدين الإسلامي للرزق بشكل شمولي ، حيث شمل الرزق عدد من الأمور ، و كان من بينها الإنجاب و غيرها ، في حين أن الكثيرين يتخيلون أن الرزق هو المال فقط ، فكل شئ في حياة الإنسان هو رزق ، فالزوجة رزق و الأولاد رزق و حب الله رزق ، و حتى الصيام و القيام و العبادات رزق ، و ذلك اعتماد على قوله تعالى وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (6) ( سورة هود ) .
الرزق بيد الله
الرزق أمر مكفول لا يملكه إلا الله فلا رازق و لا عاطي سواه ، و لكنه أمرنا بالسعي في أعمالنا و غيرها للحصول على الرزق ، و أمرنا ألا نكون متواكلين ، و كذلك كفل الله لنا بعض العبادات التي تمكننا من توسيع الرزق ، و ذلك اعتمادا على قوله صلى الله عليه وسلم عَنْ جِبْرِيلَ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ : ” يَا عِبَادِي ، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا ؛ فَلا تَظَالَمُوا ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمُ الَّذِينَ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا الَّذِي أَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَلا أُبَالِي ؛ فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ لَمْ يَنْقُصْ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ لَمْ يَزِدْ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مَسْأَلَتَهُ لَمْ يَنْقُصْ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا إِلا كَمَا يَنْقُصُ الْبَحْرُ أَنْ يُغْمَسَ الْمِخْيَطُ غَمْسَةً وَاحِدَةً ، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ ” .
كثرة الرزق و محبة الله
الكثير يربط محبة الله و رضاؤه بكثرة الرزق ، في حين أن الأمر ليس له علاقة على الإطلاق ، فقد يكون هذا الرزق الزائد ابتلاء و ليس محبة ، فإن كان محبة فلما ذهب مال أيوب ، و قال الله في كتابه العزيز وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَزُخْرُفًا ۚ وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35) ( سورة الزخرف ) ، و كذلك ينسب لرسول الله عدد من الأحاديث الشريفة التي تثبت هذا الأمر و التي تحث على الصبر .