دائماً ما كان العمل الجماعي سبب في تحقيق الغايات العظمى، وعند بدء إنتشار الدعوة الإسلامية تحققت العديد من الأهداف والفتوحات، كما نجح المسلمين في الفتوحات والإنتصارات في العديد من الغزوات بفضل العمل الجماعي، والإلتزام بتعاليم النبيّ صل الله عليه وسلم

أفضل قصص النجاح في الإسلام

إرتبطت قصص النجاح المبهرة منذ بداية إنتشار الإسلام بالتعاون القائم بين المسلمين، فلم يقتصر الأمر على الطاعة فقط، بل كانت دائماً غايات المسلمين وأهدافهم واحدة ومشتركة من أجل رفع شأن المسلمين والإسلام في العالم بأسره، فقد كانوا يسعون بكل جوارحهم لنشر النور في عالمٍ مليء بالظلام والجهل، وساعدهم على ذلك العمل الجماعي، والحفاظ على روح الفريق الواحدة، ولذلك إستطاعوا الصمود أمام الصعاب وقد إستطاعوا فعل المستحيل.

فقد كان كلاً منهم يشد عضد أخيه ويؤازره في السراء والضراء، وكان التعاون السائد بينهم من أول القواعد التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم حينما هاجر من مكة المكرمة إلى المدينة، وإستمرت علاقات التعاون لتحقيق الغايات المشتركة والأهداف السامية للدعوة الإسلامية باقية لمئات السنين.

قصة غزوة الخندق ودور العمل الجماعي في نجاحها

يُعد نجاح المسلمين في غزوة الخندق أحد الأمثلة التي توضح قوة العمل الجماعي في الإسلام، فقد كانت فكرة حفر الخندق أحد أفضل الأفكار التكتيكية التي نفذها المسلمين بكل جدارة، حيث كانوا محاصرين بجيوش الأعداء ولكنهم لم يلوذوا بالفرار، بل جاهدوا وصبروا وكان هدفهم واحد وهو الإجتهاد للفوز بالآخرة، وعندما إقترح الفكرة سلمان الفارسي فرحب بها النبي بكل سرور، وبدأ في التخطيط لمكان حفر الخندق، وساعده على ذلك أصدقائه من الصحابة وجيش المسلمين.

وبدأ المسلمين بالفعل في حفر الخندق بأنفسهم، وكانوا يحملون التراب على أكتافهم معاً، حتى تم تنفيذ الخندق الذي أذهل جيوش الأعداء، فقد كان الأمر مستحيلاً بالفعل إلا أنهم إستطاعوا بفعل التعاون والعمل الجاد تحقيق المستحيل، فقد إستطاع جيش المسلمين الحفر في الأرض الصخرية لمسافة خمسة أمتار بأيديهم وأسلحتهم، الأمر الذي يُعد في زماننا من المستحيل والذي يحتاج لآلات ومعدات ثقيلة للحفر في أرض صخرية، بالإضافة للمركبات المتخصصة في نقل ما تم حفره.

فعندما أراد المسلمين نصر الإسلام والقضاء على الظلام، وإستطاعوا بفضل العمل الجماعي والجهد المشترك والتعاون فيما بينهم فقد منّ الله عليهم بالقوة والشدّة والصبر، وساعدهم ليتمكنوا من تحقيق غايتهم وإنتصروا بفعل العمل الجماعي، وتظهر غزوة الخندق أن التعاون بين القائد والجنود من الممكن أن ينتج عنه المعجزات، فالأمر يحتاج للمشاركة والحماس والأمل والمساعدة في التخطيط السليم، الأمر الذي قام به بالفعل نبيّ الله محمد صلى الله عليه وسلم.

العمل الجماعي ودوره في فتح مصر والشام

بالرغم من الصعوبات التي قد تواجه المسلمين لفتح أكثر أماكن الشرق الأوسط من حيث الكثافة والقوة الخاصة بجيشهم، إلا أن الصحابة تكاتفوا معاً من أجل نصرة الإسلام وتحقيق المزيد من الإنجازات، فقد إستطاعوا تقسيم المسئوليات والأدوار ليتمكنوا من فتح مصر والشام، كما أنهم لم يهملوا مسئولياتهم تجاه دولة المسلمين، ولم ينسوا إحتياجات المسلمين ومراعاة شئونهم أثناء الفتح، ولذلك تمكنوا من تحقيق الإنجازات التي لم يتمكن العالم بأسره من تفسيرها وكيفية حدوثها خلال فترة قصيرة.

فقد تعاونوا الصحابة ورفقاء النبي صلى الله عليه وسلم على رعاية شئون الدولة الإسلامية وحماية مصالحها والإهتمام بالرعية، وكان منهم أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي ابن أبي طالب، ، بينما إتجه كلاً من الصحابي عمرو بن العاص وسعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد وأبي عبيدة الجراح، وإهتم كلاً من ابن عباس وابن عمر ومعاذ ابن أبي جبل بنشر تعاليم الدين الإسلام، وتعليم الناس السلوكيات والآداب ومحاسن الشريعة الإسلامية بشكل عام.

ولذلك بفضل العمل الجماعي إستطاعت الدولة الإسلامية التوسع والإنتشار مع إستمرارها بنفس القوة التي أرهبت جيوش الأعداء وفتحت الكثير من البلاد، وبفضل جهود النبي صلى الله عليه وسلم في المُآخاة بين المسلمين ونشر روح الفريق وحب العمل الجماعي، تمكن المسلمين من بناء دولة قوية شامخة، والذي سار في طريقه وعلى سنته أتباعه من الصحابة والمسلمين إلى يومنا هذا.

العمل الجماعي في الإسلام هو منبع القوة والنجاح

أوصانا الله عز وجل في كتابه بالعمل الجماعي والتعاون وحب الغايات المشتركة، وذلك في قوله “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى” سورة المائدة الآية 2 ، فقد أمرنا الله تعالى بالتعاون في الخير، فقد كانت دائماً الجماعة أقوى من الفرد، وحثنا الله تعالى على التمسك به وتعاليم دينه في أمور حياتنا، وقد أوضح ذلك في قوله “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا” سورة آل عمران الآية 103 ، حيث أمرنا فيه جميعنا بالتمسك بالله ونهانا عن الإعتزال والفرقة، ولذلك فالمرء قويٌ بإخوانه.

ومن أحاديث النبيّ صلى الله عليه وسلم التي تحثنا على الإنتماء للجماعة وإكتساب القوة منها عندما قال: (يدُ الله مع الجماعةِ)، ليحث المسلمين على التعاون والعمل الجماعي الذي هو منبع القوة والبركة.