العمل الجماعي هو عبارة عن قيام مجموعة من الاشخاص بالتعاون معا، ويكون ذلك التعاون يهدف لتحقيق غاية معينة يطمح فيها أي فرد من افراد المجموعة، حيث ان العمل الجماعي يلزمه  الجهد من افراد المجموعة، لأن هذا العمل يكون امر صعب في بعض الاحيان، والاسلام نظم هذه العلاقة وحث على العمل والتعاون بين الافراد.

اهمية العمل الجماعي

العمل الجماعي نظمه الاسلام وحث عليه وهو له اهمية كما يلي:

ـ ان تكون هناك زيادة في البركة والقوة، فالإسلام يقوم بدعم عمل الجماعة، حيث ان في الجماعة قوة وفي الفرقة ضعف ، فقال النبي صل الله عليه وسلم (ستكون بعدي هنات وهنات فمن رأيتموه فارق الجماعة او يريد أن يفرق أمر أمة محمد كائنا من كان فاقتلوه فان يد الله مع الجماعة وإن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض ).

ـ ان فيه استفادة من كل الطاقات وتوزيع على الجميع ادوار، حيث ان العمل الناجح الذي يتم فيه المشاركة اما من يقوم بكل الاعمال يكون فاشل، فيجب العمل الجماعي لأنه يكون قائم على التنوع والقوة.

ـ ان له اهمية في ان قيمة كل فرد تظهر، وكذلك مدى حاجته للآخرين حتى يكون هناك تكامل بين افراد المجتمع الواحد.

ـ ان العمل الفردي ينتهي بموت صاحبه، اما العمل الجماعي يتميز بالاستمرارية، حتى مع وجود حصار وخناق واي ظروف قهرية اخرى.

ـ انه يساعد في تطهير وتزكية النفوس، حيث انه يدعو للإخلاص والتواضع، والا ينسب أي فرد العمل لنفسه، بل ينسب للمجموعة، حيث قال الامام الشافعي ( وددت لو عمل الناس بعلمي، ولم ينسب الىّ منه شيء ).

ـ انه يكون ملئ بالأخلاق والقيم حيث انه قائم على التضحية والبذل، وايضا انه يحمل كثير من المعاني كالأخوة، والتراحم، والتآلف مع تقوية روابط الايمان والدين.

قصص عن العمل الجماعي في الاسلام

ـ تعاون الصحابة وقت فتح مصر

الصحابة رضي الله عنهم كانوا كالجسد الواحد يكملون بعضا فاذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد، وانهم قاموا بتوزيع انفسهم عندما ارادوا فتح مصر والشام ، ليكونوا في خدمة المسلمين وقضاء مصالحهم.

فنجد انه عندما ذهب خالد بن الوليد وسعد بن ابي وقاص وعمرو بن العاص ومعهم ابو عبيدة الجراح لفتح مصر والشام، نجد الخلفاء الراشدين ابو بكر وعمر وعثمان وعلي، كانوا يقومون على رعاية شئون الناس وقضاء حوائجهم.

في نفس الوقت كان ابن عباس ومعاذ بن جبل، وبن عمر، يقومون على تعليم الناس تعاليم الدين الاسلامي، ويقومون بالفتوى في الامور الخاصة بهم، كما انهم كانوا يقومون بتربيتهم على الشريعة الاسلامية.

وكانت تقع موعظة الناس والحكام وكانوا يقمون بنصحهم ويقدمون لهم المشورة والعون، تقع على عاتق ابن ابي ذر وابي الدرداء.

ـ نجاح العمل الجماعي في حفر الخندق

ان هذا المشروع والعمل نجح نجاحا تماما، حيث انه عمل جماعي قام على ضوابط ساعدت في نجاحه ، فالنبي صل الله عليه وسلم ادار هذا العمل بكفاءة فائقة غير متخيلة، وقام بوضع قواعد نجاح الاعمال الجماعية.

حيث ان من ضوابط نجاح هذا العمل هي:

ان القائد كان يشارك جنوده ، فبذلك نجد الجنود يبزلون اقصى جهدهم ليس خوفا من القائد ولكن لشعورهم انه هناك عمل مشترك مهم.

فنجد النبي صل الله عليه وسلم، وهو القائد الاعلى لجيش المسلمين، نزل بنفسه لحفر الخندق مع باقي الجيش.

كما انه من ضوابط النجاح انه كان هناك توزيع الاعمال على الجميع، فحرص النبي صل الله عليه وسلم بتوزيع الادوار كل حسب طاقته، فكان لا يوجد أي شخص متهاون او متراخي، فالكل كان في عمل دؤوب.

وهناك ضابط ثالث، وهو انهم جمعوا في الارادة بين الحزم والرفق، حيث تم وضع حدود وضوابط للعمل والاستئذان، وكان الزامية للجميع، فلا تهاون فيها لا من كبير ولا صغير، وكانوا جميعا يأتمرون بأمر القائد والخضوع التام لأوامره وأحكامه.

ومنها كذلك، ان النبي صل الله عليه وسلم كان يرفع الهمة عند الصحابة في كل المواقف الصعبة، وكان يبث فيهم روح الامل، فما فعله في هذا العمل كان يفوق الوصف والخيال.

ـ تعاون الصحابة رضي الله عنهم في بناء المسجد النبوي

قال النبي صل الله عليه وسلم (يا بني النَّجار ثامنوني بحائطكم هذا، قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلَّا إلى الله، فقال أنسٌ: فكان فيه ما أقول لكم قبور المشركين، وفيه خربٌ وفيه نخلٌ، فأمر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين، فنُبِشَت، ثمَّ بالخرب فسوِّيت، وبالنَّخل فقطِّع، فصفُّوا النَّخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادتيه الحجارة، وجعلوا ينقلون الصَّخر وهم يرتجزون والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم معهم، وهو يقول: اللَّهمَّ لا خير إلَّا خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة).

ـ تعاون الانصار مع المهاجرين

قال عبد الرَّحمن بن عوف رضي الله عنه: ((آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الرَّبيع، فقال لي سعد: إنِّي أكثر الأنصار مالًا، فأقاسمك مالي شطرين، ولي امرأتان، فانظر أيتهما شئت حتى أنزل لك عنها، فإذا حلَّت تزوجتها، فقلت: لا حاجة لي في ذلك، دلُّوني على السُّوق، فدلُّوني على سوق بني قينقاع، فما رحت حتى استفضلت أقِطًا  وسمنا )

– وقالت الأنصار للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم (اقسم بيننا وبينهم النَّخل، قال: لا. قال: يكفوننا المئونة ويشركوننا في التَّمر. قالوا: سمعنا وأطعنا).