تحدث الكثير من علماء النفس عن أسس التواصل الاجتماعي الناجح و طرق تكوين علاقات اجتماعية ، و كيفية التعامل مع مختلف الفئات و الطبائع ، كل هذا لم يتم الكشف عنه إلا منذ سنوات قليلة ، حتى أن نظرية فرويد أساس علم النفس كانت بعد الإسلام بفترات طويلة .
القرآن الكريم و التواصل الاجتماعي
تعامل القرآن مع طبيعة النفس البشرية بطريقة مختلفة و فريدة من نوعها ، و هذا أمر طبيعي و إثبات قوي بأن الله هو خالق النفس البشرية و مسويها ، و اعتمادا على هذا فقد وفر القرآن الكريم طريقة للتعامل مع الناس بمختلف طبائعهم و مختلف عاداتهم ، و وضح أهمية هذا الأمر بطرق صريحة في بعض الأوقات ، و بطرق متوارية في بعض الأوقات الأخرى ، هذا فضلا عن أن القرآن تحدث أيضا عن دوافع الإنسان ، و وضع قواعد لكسب الآخرين و التقرب منهم .
التعامل مع الطباع المختلفة
تحدث الدين الإسلامي في الكثير من المواضع عن طبيعة الاختلافات التي عرفت بين البشر ، و كيف أن على الأشخاص التعامل على أساس هذه الاختلافات ، و أن هذا الأمر يساعد على تقبل الآخرين باختلاف تفكيرهم و طبيعتهم بل و عقيدتهم أيضا ، و في هذا الصدد تحدث القرآن الكريم بعدد كبير جدا من الأمور و الأفكار ، فكان من بينها على سبيل المثال قوله تعالى وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) ( سورة هود ) ، هذا إلى جانب أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان خير مثال على هذا الأمر ، ذلك الرجل الذي خالط كبار القوم و العبيد و المستضعفين و قساة القلب ، هذا فضلا عن مخالطته للمؤمنين و اليهود و الوثنيين و النصارى .
الدوافع التي تحرك الإنسان
كان من بين الأمور التي تحدث عنها الدين الإسلامي في الكثير من المواضع ، طبيعة الدوافع التي تحرك الإنسان و تغير تفكيره ، بل و تغير طبيعة تعاملاته مع الآخرين ، فببساطة الشخص الذي يسعى لكسب الله عز وجل ، سوف تجد دوافعه هذه تظهر في محاولات ارضاء الله في خلقه ، و من ثم يبدو في أفضل حلة يتحلى بها الإنسان ، و في هذا الصدد يتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا ” الْمُؤْمِنُ يَأْلَفُ وَيُؤْلَفُ ، وَلا خَيْرَ فِيمَنْ لا يَأْلَفُ وَلا يُؤْلَفُ ، وَخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ” ( صحيح الجامع ) .
قواعد التعامل مع الآخرين
– تعامل الدين الإسلامي رأسا مع طبيعة النفس البشرية ، تلك التي تعتبر ثابتة مهما اختلفت طبيعتها أو طريقة تفكيرها ، فتعامل الإنسان مع النفس الطبيعية الخالية من أي شذوذ يتعلق بأمراض نفسية ، فتحدث عن طبيعة العلاقة بين الزوجين بمنتهى الوضوح و بأكبر حجم من التفاصيل ، و كذلك تحدث عن المرؤوسين ، هذا فضلا عن العديد من العلاقات الاجتماعية التي نظمها على أسس التعامل و حدود الله و غيرها ، فتحدث عن عدد من الصفات الحميدة و المذمومة التي تعزز قوة التواصل الاجتماعي ، و حدد عدة أساليب و تم توضيح هذه الأساليب في القرآن و السنة المشرفة .
– من بين الأشياء التي تحدث عنها القرآن الكريم ، تجنب النصح للأشخاص أمام الآخرين ، و هذا لأن النفس البشرية تأبى الشعور بالنقص ، و لأن النصح أمام الناس فضيحة و ليس نصيحة ، هذا إلى جانب أن القرآن الكريم قد حثنا على عدة أمور ، منها تجنب كثرة اللوم و تجنب التوبيخ و التأنيب من آن لآخر ، فضلا عن تجنب فظاظة القلب ، كذلك تجنب الحديث عن الأنا و التركيز على السلبيات و التعامل باستعلاء و غيرها .