هل يجوز التبرك بالعلماء والصالحين وآثارهم، مستدلًا بما ثبت من تبرك الصحابة رضي الله عنهم بالنبي صل الله عليه وسلم فما حكم ذلك؟ وهل فيه تشبيه لغير النبي بالنبي صل الله عليه وسلم ؟ وهل يجوز التبرك بالنبي صل الله عليه وسلم بعد وفاته ؟ وما حكم التوسل إلى الله تعالى ببركة النبي ؟
حكم التبرك بالعلماء والصالحين وآثارهم:
يجيب سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عن هذا التساؤل بأنه لا يجوز التبرك بأحد غير النبي صل الله عليه وسلم لا بوضوئه ولا بشعره، ولا بعرقه ولا بشيء من جسده؛ بل هذا كله خاص بالنبي صل الله عليه وسلم لما جعل الله في جسده وما مسه من الخير والبركة، ولهذا لم يتبرك الصحابة بأحد منهم، لا في حياته ولا بعد وفاته صل الله عليه وسلم لا مع الخلفاء الراشدين ولا مع غيرهم؛ فدل ذلك على انهم قد عرفوا أن ذلك خاص بالنبي صل الله عليه وسلم دون غيره ولأن ذلك وسيلة إلى الشرك وعبادة غير الله سبحانه وتعالى.
حكم التوسل إلى الله تعالى ببركة النبي:
ويضيف فضيلة الشيخ أنه لا يجوز التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بجاه النبي صل الله عليه وسلم أو ذاته أو صفته أو بركته لعدم الدليل على ذلك؛ ولأن ذلك من وسائل الشرك به والغلو فيه عليه الصلاة والسلام ولأن ذلك أيضًا لم يفعله أصحابه رضي الله عنهم ولو كان خيرًا لسبقونا إليه كما أنه مخالف للأدلة الشرعية فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180]، ولم يأمر بدعائه سبحانه بجاه احد أو حق احد أو بركة أحد.
ويجوز التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بصفاته كعزته، ورحمته، وكلامه وغير ذلك، ومن ذلك ما جاء في الأحاديث الصحيحة من التعوذ بكلمات الله التامات، والتعوذ بعزة الله وقدرته، كذلك التوسل إلى الله بمحبة الله سبحانه وتعالى، ومحبة رسوله صل الله عليه وسلم، وبالإيمان بالله وبرسوله، وكذلك التوسل بالأعمال الصالحة كما في قصة أصحاب الغار الذين توسلوا إلى الله بصالح أعمالهم فأخرجهم الله من الضيق إلى الفرج واستجاب لتوسلهم.
حديث توسل الأعمى بالنبي:
وأما ما ذكر في حديث توسل الأعمى بالنبي صل الله عليه وسلم في حياته فشفع فيه النبي ودعا له فرد الله عليه بصره كما روي ابن ماجة وأحمد من حديث عثمان بن حنيف: « أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ادع الله أن يعافيني، قال: إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك، قال: فادعه، قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوئه، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي، اللهم فشفعه في» فهذا توسل بدعاء النبي وشفاعته حال حياته، وليس بجاهه وحقه كما هو واضح في الحديث، وكما يتشفع الناس به يوم القيامة في القضاء بينهم، وكما يتشفع به يوم القيامة أهل الجنة في دخولهم الجنة، وكل هذا توسل به في حياته الدنيوية والأخروية، وهو توسل بدعائه وشفاعته لا بذاته وحقه، كما صرح بذلك أهل العلم.