تعتبر اللغة عنوان حضارة الشعوب، وهي مقياس تقدمها وتطورها، بالإضافة إلى أنّها أحد أهم الاختراعات في التاريخ الإنساني بأكمله، وعلى أساسها تتم عملية التواصل والاتصال بين الناس سواءاً بالأسلوب التقليدي القديم (التواصل الشفهي، التواصل الكتابي)، أو الأسلوب العصري الحديث (التواصل الكتابي والشفهي باستخدام التكنولوجيا المتطورة). فالإنسان من دون لغة لا يستطيع التفاعل مع الغير: كالتحدث إليهم، أو توصيل معلومة ما لهم، أو ماشابه ذلك.
لذا يجب إتقان اللغة الأساسية لدى كل إنسان، وهي لغة البلد التي يعيش فيها، وفي معظم الأحوال لابدّ لأي شخص أن يتعلم بالإضافة إلى لغته الأم ، لغة العالم أي اللغة الأولى المعتمدة عالمياً، وهي اللغة الانجليزية، نظراً لانتشارها الواسع في أغلب دول العالم تقريباً، واعتمادها من قبل معظم الدول العربية والأجنبية، على أنّها اللغة الثانية التي يتوجب على كل شخص تعلمها بعد لغته الأم، بالإضافة إلى الأهمية الكبيرة وهي الاستفادة من اللغة الانجليزية في نشر الدين الإسلامي والثقافة العربية الإسلامية.
أهميّة تعلّم اللغات بشكل عام واللغة الانجليزية بشكل خاص
أولاً: وكما أسلفنا الذكر أعلاه، أننا نحتاج تعلم اللغات للتواصل مع الآخرين، وكثيراً مانصادف في حياتنا العملية أو حتى حياتنا الشخصية ( عند سفرنا للخارج مثلاً)، العديد من الجنسيات الناطقة بغير اللغة العربية التي نتحدث بها، مما يتطلب معرفتنا بلغة البلد الذي نزوره ولو بجزء بسيط، وذلك لقضاء الحواحج الأساسية، والتعبير عما نريد. لذا فقد أصبحت بعض اللغات من لغات العلم، كاللغة الإنجليزيّة مثلاً، فإذا أردنا أن ندرس تخصص معين في الجامعة، والاستفاضة والتعمق به بشكل جيد، سنجد أنفسنا ملزمين على قراءة الكتب والمراجع باللغة الانجليزية.
ثانياً: وكما نعلم أننا في عصر المعلومات، ولدينا مصادر مفتوحة للمعلومات والتعليم، بالإضافة إلى أنّ ظاهرة العولمة حولت العالم كله إلى قرية صغيرة، وبفضل وسائل الاتصالات الحديثة والتكنولوجيا الرقميّة الحديثة، سيكون كل شخص بلا شكّ، مُجبراً على التعامل مع التطبيقات المختلفة والمصممّة بلغات غير عربية، وخاصة اللغة الانجليزية على أساس أنّها من اللغات واسعة الانتشار
ثالثاً: يجب معرفة ما يدبر لنا الغير من مكائد عن طرق فهم لغتهم، فمن أراد أن يأمن شرّ قوم فليتعلّم لغتهم، وبالتالي نكون في مأمن ممّا يكيدون وعلى اطّلاع فيما يدور حولنا.
رابعاً: الحصول على وظيفة جيّدة أو تحسين مركز الشخص في وظيفته الحالية، وهذا يعتبر من الأمور الهامة جداً لكل فرد في المجتمع، حيث أنّ امتلاك الشخص للغة ثانية غير لغته الأم، سيعطيه ميزة تنافسية تميزه عن غيره من الموظفين، وسيولد انطباعاً لدى مديره في العمل، على أنّه شخص مرن، منفتح على العالم، وقادر على تعلم كل ماهو جديد.
حكم تعلم اللغة الانجليزية في الدين الإسلامي
يعتبر تعلم اللغة الانجليزية للمسلم من الأمور الجيدة والمهمة في وقتنا الحالي، بل قد يكون واجباً في حالات كثيرة لنشر تعاليم الدين الإسلامي ضمن أوسع نطاق على مستوى كبير، بمعنى أننا لا يمكن أن ندعو الأجانب للإسلام إلا إذا عرفنا لغتهم لنخاطبهم بها، وهذا بالتالي يعتبر فرض كفاية. يقول الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) [إبراهيم:4] فأحياناً يكون تعلم اللغة الأجنبية واجباً إذا توقفت دعوة أهل هذه اللغة على تعلم لغتهم.
وقد أكد الشيخ الفضيل ابن عثيمين هذه المعلومة، وأضاف إليها أنّه يجب تعليم الأطفال اللغة العربية لتكون لسانهم الناطق، على أساس أنّها لغة القرآن، ولا مانع من تعليمهم اللغة الانجليزية منذ الصغر لإتقانها، ويعتبر تعلّمها أمراً مباحاً. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود، ولغة اليهود عبرية، وكانت تأتي رسائل من اليهود إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ورسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام يبعث إليهم بالرسائل، فاحتاج إلى تعلم لغتهم حتى يقرأ ما يرد منهم ويكتب لهم ما يصدر إليهم.
وتعتبر الترجمة ذات دور هام في توضيح وتفسير القرآن الكريم، وأحكام وتعاليم الدين الإسلامي، ولكن تواجهنا في حالات كثيرة مشكلة في ترجمة بعض الكلمات الواردة في القرآن باللغة العربية إلى اللغة الانجليزية، وعدم توضيح المفهوم بالشكل الصحيح، لذلك يلجأ العلماء ورجال الدين إلى توضيح المعاني المذكورة في القرآن الكريم باللغة الانجليزية، وليس القيام بترجمتها ترجمة حرفية، لعدم الوقوع في كم هائل من الأخطاء، والخروج عن المعنى الصحيح.