نتحدث في لغزنا هذا عن ما هو يوم العذاب الذي اصاب قوم شعيب ؟
الإجابة
يوم العذاب الذي اصاب قوم شعيب هو عذاب يوم الظلة
ونبدأ موضوعنا بالصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد :
جاء على قوم شعيب كل ما ذكر من أنواع العذاب ، وذلك كما حدثنا الله عز وجل في كتابه الكريم ، ولا يوجد أي تعارض بين الآيات ، كما ذكر ذلك ابن كثير سواء في البداية والنهاية ، فقال:
وقد جمع الله عليهم أنواعاً من العقوبات ، وصنوفاً من المَثُلات ، وأشكالاً من البليات ، وذلك لما اتصفوا به من قبيح الصفات ، سلط الله عليهم رجفة شديدة أسكنت الحركات ، وصيحة عظيمة أخمدت الأصوات ، وظُلة أرسل عليهم منها شرر النار من سائر أرجائها والجهات ، ولكنه تعالى أخبر عنهم في كل سورة بما يناسب سياقها ويوافق طباقها . ا .هـ 1/210 .
وقال الله تعالى: {وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [سورة هود: آية 94]
ويأتي معنى هذه الآية التي توضح ما أصاب قوم شعيب عليه السلام من العذاب وعن أعمالهم وقصتهم التي استحقوا عليها ذلك العذاب .
وعن قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [سورة الشعراء: آية 189] ، وتوضح هذه الآية عن أن قوم شعيب ، كانوا أمة كافرة تسكن في أرض الأردن والتي تعرف بإسم مدين ، حيث بعث الله إليها نبيه شعيبًا عليه السلام حتى يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، إلا أنهم كانوا يبخسون الناس أشياءهم ، وينقصون المكيال والميزان . كما كانوا يسيئون في حق الله جلا وعلا ، ويسيئون في حق الناس ، وذلك في قوله :
قال تعالى {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ} [سورة هود: آية 84] ، إلا أنهم جمعوا بين هاتين الجريمتين ، وعندما حذرهم سيدنا شعيب عليه السلام من نقمة الله عليهم وبطشه ، إلا انهم استهزءوا وقالوا: {أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} [سورة هود: آية 87] ، وحينذاك انتهى أمرهم إلى أن عاقبهم الله العقاب الشديد مستأصلاً ، فأخذهم الله عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: والذي ذكر صفة الله في إهلاكهم إلى ثلاثة مواطن ، ويأتي كل موطن بصفة تتناسب مع ذلك السياق ، ففي سورة الأعراف ذكر أنهم {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [سورة الأعراف: آية 78]
كما قالوا: {لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [سورة الأعراف: آية 88] ، حتى أنهم أرجفوا بنبي الله شعيب عليه السلام ومن اتبعه فاخذتهم الرجفة ، وفي سورة هود قال: {وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ} [سورة هود:آية 67] ، مما يبين أنهم استهزءوا بنبي الله في قولهم: {أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [سورة هود: آية 87] .
ذكر المفسرون عن يوم الظلة بأن الله جلا وعلى ألقى عليهم الحر الشديد ليصلاهم في بيوتهم ومساكنهم ، وحينما اشتد عليهم الحر في بيوتهم ، اضطرول للخروج إلى الصحارى وهي ملتهبة بسبب الرمضاء وبسبب أشعة الشمس الحارقة ، ثم ساق الله عليهم سحابة لها ظل ، ففرحوا بها واجتمعوا تحتها ، فلم تكتمل فرحتهم بعد أن كانت بردًا ليتغير إمطارها بالنار تلظّى فأهلكهم الله سبحانه وتعالى .