لقد خلقتنا الله تعالى وجعلنا في أحسن صورة وأكمل خلقة ، كذلك فقد أمرنا الله بالتجمل والاهتمام بمظهرنا وزينته ، فالله تعالى جميل يحب الجمال ، وتعد العناية بنظافة الجسد والطهارة من أفضل ما يعبر عن الجمال الحسي الظاهر .
مظاهر اهتمام الإسلام بالجمال
قال الله تعالى في سورة الأعراف : ” يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْـمُسْرِفِينَ* قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ” ، ونفهم من ذلك مدى حرص ديننا الإسلامي على جمال مظهر الإنسان ، وهذا الجمال يجب أن يشمل جمال الخلق أيضًا ، وحسن التعامل مع الناس والإحسان إليهم ، حيث يجب الجمع بين كل من الجمال الظاهري والجمال المعنوي .
وقد ورد في القرآن الكريم في سورة البقرة قوله تعالى : ” إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ” ، وفي تلك الآية إشارة واضحة إلى مدى أهمية الطهارة ونظافة الجسد ، كذلك فقد حثنا نبينا الكريم على الطهور ، فقال في حديثه الشريف : ” الطُّهُورُ شطرُ الإيمانِ ” ، وقد فسّر العلماء هذا الحديث فقالوا أن المقصود به أن أجر الطهور يصل إلى نصف أجر الإيمان .
وقد حثنا الإسلام على الغُسل في الكثير من المواضع المختلفة مثل الغسل بعد الجنابة والحيض ، ونجد أن الغسل يكون مستحبًا في بعض الحالات مثل الغُسل بعد العيدين وغُسل الإحرام وغُسل يوم الجمعة ، كذلك فإن ديننا جعل الصلاة لا تصح بدون الوضوء والذي قد يصل تكراره لدى المسلم إلى خمس مرات خلال اليوم ، وكل ذلك دليل على أن النظافة والعناية بجمال المظهر أمر ديني ومهم .
حكم تطويل الشعر للرجل
جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم بتطويل شعره على عدة صفات وذلك باختلاف حاله ، فقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم بإطالة شعره في بعض الأوقات حتى وصل إلى شحمة أذنه ، وفي أحيان أخرى أطال شعره حتى كان بين أذنه ومنكبه ، وأحيانًا كان يصل طول شعره إلى منكبيه ، وقد كانت تلك الصفات من طول الشعره مقبولة ومتعارفة في ذلك الوقت .
ومع ذلك يجب على المسلم أن يأخذ في الاعتبار البيئة والزمان الذي يعيش فيه ، فإذا كان يعيش مع أشخاص لم يعتادوا على تطويل شعر الرجل ، أو ينظروا إليه نظرة أهل الفسق ، فعليه أن لا يفعل ذلك ، وقد قال الشيخ ابن عثيمين في هذه المسأله أن أصل الحكم على تطويل الشعر للرجل جوازه ؛ وذلك لأن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا الأمر ، إلا أن الأمر مع ذلك خاضع للعادات والأعراف ، ومدى شيوع هذا الأمر بين الناس .
وبذلك يتضح لنا أن أمر إطالة الشعر بالنسبة للرجل هو من الأمور المباحة ، والتي تخضع لطبيعة الناس والأعراف السائدة بينهم ، ولا يجوز أن يتم الرد على هذا بالقول أن رسولنا صلى الله عليه وسلم كان يقوم بإطالة شعره ، لأن تلك المسألة ليست عائدة إلى باب السنة والتعبد ، بل هي من باب العرف ، نظرًا لأن قيام الرسول بتطويل شعره كان يعد مجاراة لقومه ، وليس أمرًا تكليفيًا .
وإذا كان هذا الأمر مقصودًا لكان الرسول صلى الله عليه وسلم وجّه الآخرين لفعلها ، كما كان يوجّه لإبقاء اللحى ، إلا أنه لم يقم بذلك ، بل ورد عن نبينا صلى الله عليه وسلم استحسان حلق وائل بن حجر لشعره ، ومن الجدير بالذكر فإن إطالة الشعر ليس فيه ثواب ، ولا لتقصيره أي عقاب ، إلا إذا كان الأمر مقرونًا بأمر شرعي ، كما هو الحكم في حلقه ، فمن قام بحلق شعره في النسّك كان فعله مستحبًا مأجورًا ، ومن فعل ذلك بغرض التقرّب في غير النسك كان فعله محظورًا .
سنن متعلقة بالشعر
هناك بعض السنن التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يخص الشعر ، وفيما يلي بعض من هذه السنن :
– كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب التيامن في كافة أموره ، ومن بين ذلك تمشيط الشعر ، حيث كان يقوم بتمشيط شعره باليد اليمنى .
– كان النبي صلى الله عله وسلم يقوم بدهن شعره كثيرًا وتسريحه ، كذلك فقد كان كثيرًا ما يقوم بتسريح لحيته .
– يعد فرق شعر الرجل أفضل من إسداله ، ويُقصد بإسدال الشعر أي إرساله ، أما فرقه أي جعله على جانبي الرأس .
– كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجعل شعره على شكل ضفائر في حالة إذا كان طويلاً ، لذلك فمن المستحب فعل ذلك .
– نتف شعر الإبط من السنن النبوية لأنه يقلل إنبات الشعر بالمنطقة ، بالإضافة إلى حلق العانة وقص الشارب دون حلقه .