يعدّ البيع من المعاملات التجارية الشائعة بكثرة بين الناس في المجتمعات، ويُعرف البيع بأنّه مقابلة شيء بشيء أو مال بمال بالتراضي، ويُعرف الشيء أو المال الأول منها بالمبيع والآخر بالثمن، وهو ضد الشراء، وأجاز الشرع البيع بسبب حاجة الناس إليه في حياتهم اليومية، لما فيه من قضاء لحاجات الناس وتحقيق لمصالحهم، ولما فيه من كسب حلال يعين المسلم على قضاء حوائجه والاستغناء عن الحاجة إلى الناس.

والبيع به مكسب حلال يعين المسلم على قضاء حوائجه دون الحاجة إلى سؤال الناس، وثبتت مشروعية البيع في الكتاب والسنة بإجماع العلماء والفقهاء وهو جائز لحاجة الناس إليه، حيث وردت مشروعيته في العديد من الأحاديث النبوية والآيات القرآنية، ومن بينها قوله تعالى ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) ، ومن السنة النبوية قوله صلًّ الله عليه وسلم لما سئُل عن أفضل الكسب ” بيع مبرورُ وعملُ الرَّجل بيدِه “.

البيع في الفقه

أوصى الله سبحانه وتعالى أن تتم كتابة العمليات التجارية كالبيع والشراء التي تتم بين الأفراد حتى لا يتم نسيانها وتكون واضحة ومحفوظة أمام الأطراف والشهود، فقال تعالى (ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم ).

يعرف البيع في اللغة بأنه ضد الشراء وهو أيضا الشراء من الأشخاص الآخرين فقد يكون المشتري بائع والبائع مشتري لدى الغير، ورأى فقهاء المذاهب الأربعة أن البيع في الفقه جائز ولكنه له شروط وإجراءات لابد من الإلتزام بها حتى لا يتحول البيع إلى البيع المنهي عنها وينضم إلى قائمة البيوع المحرمة، وللبيع عند الفقهاء له تعريفات مختلفة من بينها :

ابن قدامة الحنبلي : عرَّف البيع بأنه مبادلة المال بالمال تمليكاً وتملكاً.

الشافعية : مقابلة مال بمال على وجه مخصوص، وهو عقد معاوضة مالية تفيد تملك العين أو المنفعة التي جرى عليها البيع في العقد بالتأييد والموافقة بين كلا الطرفين، فيعتبر باطلاً إذا لم يكن يحتوي على شرط الموافقة واضحاً.

اركان البيع

حدد القرآن الكريم أركان البيع كما أمر بها الله سبحانه وتعالى ليكون البيع حلال في الإسلام وتلك الأركان هي :

العاقدان، وهما البائع والمشتري.

الصيغة، وتنقسم إلى الصيغة الفعلية بإعطاء السلعة للمشتري، والصيغة القولية بالإيجاب من البائع باللفظ، والقبول من المشتري، أي تشترط ألفاظاً واضحا للبيع والموافقة بين كلا الطرفين، ويشترط في الصيغة أن تكون بألفاظ معينة مشتقة من لفظ باع أو مّلك.

المعقود عليه، تشمل الثمن والشيء المثمن أو المبيع.

شروط البيع

لابد أن يكون البائع والمشتري عاقلاً ومميزاً وحراً.

لابد من تحقيق مبدأ التراضي بين العاقدين.

يجب أن البائع مالكاً للشيء الذي يبيع أو نائباً عن صاحبه يحق له التصرف فيه، حيث أنه لا يجوز لأي شحص أن يبيع ما ليس له.

لابد أن يكون الشيء المباع معلوم لكل من البائع والمشتري سواء بالرؤية أو بالوصف.

يجب أن يكون الثمن معلوم للبائع والمشتري.

يجب أن يكون الشيء المتفق عليه للبيع موجود فلا يجوز بيع ثمار لم تنضج أو جنين في البطن.

لابد من وجود القدرة الكاملة على تسليم المبيع، فلا يجوز بيع سمك في بحر ولا طير في السماء.

لابد أن يكون المبيع شيء ينتفع به الفرد في الشرع كالمأكل والمشرب، وألا يكون الشرع حرمه كالخمر أو لحم الخنزير.

يجب ألا يكون البيع محدداً بوقت معين، كالبيع لمدة عام أو شهر أو غير ذلك.

اقسام البيع

يعد عقد البيع من العقود المالية التي لا يستغنى عنها المسلم حيث تتعلق بشؤونه الحياتية، وأرشد الإسلام إلى ضرورة أن يتفقه المسلمون جميعا فيما يخص البيع والشراء كي يتجنبوا الوقوع في البيع الحرام أو المحظور، ذلك لأن البيع له أنواع كثيرة وعقود كثيرة منها ما هو جائز ومنها ما هو محرَّم ومنها ما هو مكروه، وذلك حسب نوع البيع والشروط والأركان والعديد من الجزئيات، ومن أنواع البيع ما يلي :

يقسم البيع حسب نوع الشيء المباع ” المبيع ” إلى أربعة أنواع وهم البيع المطلق وبيع السَّلم وبيع الصرف وبيع المقايضة.

يقسم أيضا حسب طريقة تحديد الثمن إلى ثلاثة أنواع وهم بيع المساومة وبيع المزايدة وبيوع الأمانة كالمرابحة والتولية والوضيعة.

وهناك تقسيم آخر لأقسام البيع حسب كيفية الثمن ويقسم خلالها إلى أربعة أنواع وهم بيع النقد وبيع مؤجل الثمن وبيع مؤجل المثمن وبيع مؤجل العوضين.

أما البيع حسب الحكم الشرعي فيتم تقسيمه إلى البيع الصحيح وضده البيع الفاسد، والبيع المنعقد وضده البيع الباطل.

اداب البيع

لابد أن يتحلى كلا من البائع والمشتري بالسماحة والرفق في المعاملة.

يجب أن يكون المشتري جاد في عملية الشراء، فلا يجوز له أن يتعب البائع وليس لديه النية المسبقة في الشراء بهدف التسلية وضياع الوقت.

من آداب البيع ألا يبيع البائع شيء لا يتواجد لديه، فعليه ألا يقدم على عملية البيع وعرض السلعة أو الشيء إلا بعد أن يكون ملكا ومتواجد في حيازته.

ألا يروج البائع للسلعة بالكذب، ويكون ذلك بذكر مواصفات ليست متواجدة بها، فعليه أن يخبر البائع بكافة العيوب والمميزات في سلعته قبل شراؤها.