كان العرب قديماً يذهبون إلى الصين للتجارة، والتي تعرف في كتب التاريخ باسم بلاد الهند والسند، وكانوا يمرون بما يعرف بطريق الحرير لتجارة التوابل والأقمشة الفاخرة وهذا سبب تسميته بهذا الاسم، فلم يكن أحد يتخيل حينها أن تصل بلاد المسلمين إلى هذا الحد من الكوكب، فقد تمكن المسلمون من الوصول إلى الهند وبلاد الترك والتي تعرف بتركستان الشرقية وبلاد الايغور وتوغل المسلمون بقيادة أحد الأبطال المسلمين حينها إلى حدود الصين.
قتيبة بن مسلم فاتح الصين
يرجع الفضل في إسلام العديد من المناطق التي يسكنها قبائل التُرك وسمرقند وبلاد ما وراء النهر، والصين، إلي القائد الإسلامي والبطل المغوار قتيبة بن مسلم فاتح الصين، والذي يعد من أكبر القادة العسكريين، فهو ذو فضل في فتح البلاد التي تعرف الآن بالجمهوريات الإسلامية بعد أن انفصلت عن الإتحاد السوفيتي.
الجدير بالذكر أن المسلمين لم يستطيعوا أن يفتحوا الصين بالكامل، بل أنهم وصلوا إلى أطراف الصين وبعض المدن فيها، وقد تم الاتفاق والصلح بين ملك ملوك الصين والقائد قتيبة بن مسلم على دفع الجزية، ويعد من أعظم ما قام به القائد قتيبة بن مسلم هو أنه استطاع أن يدخل الإسلام إلي أرض الصين، كما يعود له الفضل في أن أمم كاملة في الأتراك قد اعتنقت الإسلام.
هو قتيبة بن مسلم بن عمرو بن حصين بن ربيعة الباهليّ، وكانت كنيته أبي حفص، ولد في 48 هـ في العراق، وقد قيل أن والده كان من أصحاب والي العراق مصعب بن الزبير، وقد قُتل في الحرب التي كانت ضد عبد الملك بن مروان سنة 72 هـ.
نشأ قتيبة برفقة السيف والرمح، وهو على ظهر الخيل، كان فارساً منذ الصغر، وتعتبر كثرة الثورات والفتن التي شهدتها العراق سبب في حب قتيبة للجهاد والقتال في سبيل الله، فأهل العراق على مر التاريخ انشغلوا بالجهاد في سبيل الله، وقد قام قتيبة بالمشاركة في العديد من الحملات الجهادية وهو في سن مبكر من عمره، وقد أظهر موهبة قتالية وقيادية وشجاعة لا مثيل لها.
فتوحات قتيبة بن مسلم
في البداية تم توليته والياً على خراسان، فقام باستعادة طخارستان السفلي، وقام بتثبيت أقدام الدولة الإسلامية فيها، من خلال فتح بخاري والقرى والحصون المجاورة لها منذ عام 87 وحتى 90 هجرية، فكانت من أقوى المدن الموجودة في بلاد ما وراء النهرين، وقد عمل قتيبة على نشر الإسلام في وادي نهر جيجون وقام بفتح إقليم خوارزم وسجستان، ووصل إلى سمرقند بفتوحاته، وقام بضمها إلي الدولة الإسلامية.
أكمل الفارس إلي أن وصل إلى نهر سيجون، ثم إلى الصين، وفتحها وصولاً إلي مدينة كاشغر، وجعل منها قاعدة للمسلمين في الصين، فالصين آخر ما وصلت إليه جيوش المسلمين في شرق آسيا.
أسلم على يد القائد الهُمام قبائل الأتراك وغيرهم من قبائل الإيغور والمغول وقوقازين الذين كانوا سبباً كبيراً في نشر الإسلام في بلادهم، وكانوا سبباً كبيراً في أن يدخل الأتراك الموجودين شرق نهر المرغاب إلي الإسلام.
كان قتيبة من القادة المخلصين إلى الحجاج بن يوسف الثقفي، وقد خاف من أن يقوم سليمان بن عبد الملك بالانتقام منه بعد أن يتولى الخلافة لأنه كان يؤيد أخاه الوليد بن عبد الملك في أن يتم خلعه من ولاية العهد، وقد كان سليمان معادياً للحجاج، فقام الحجاج بأرسال ثلاث خطابات له الأول يهنئه بالخلافة والثاني يذكره له الفتحات والثالث لخلعه.
قام قتيبة بحملة لخلع سليمان ولكنها لم تنجح وقُتل في هذه المحاولة بسهم من وكيع التميمي، وقطع رأسه وسلمها لسليمان بن عبد الملك.