ورد ذكر الدعاء في أكثر من موضع من الكتاب والسنة وذلك للتأكيد على أهميته وفائدته للإنسان فان الدعاء هو لب العبادة أي أنه قلب العبادة، كما قال المولى جل وعلى بسم الله الرحمن الرحيم “وقال ربكم ادعوني استجب لكم ” “اني قريب اجيب دعوة الداع إذا داعنِ” “ادعوا ربكم سرًا وعلانية” صدق الله العظيم وغيرها الكثير والكثير من الآيات القرآنية التي تؤكد على أهمية الدعاء، وينقسم الدعاء إلى نوعين دعاء المسألة ودعاء العبادة والذي يعرف أيضًا بدعاء الثناء وفيما يلي عرض لكلا النوعين.
الفرق بين دعاء المسألة ودعاء العبادة
دعاء المسألة: يجد المؤمن في دعاء المسألة غايته إلى تحقيق مراده حيث يتضمن دعاء المسألة التضرع إلى الله ورجائه لتحقيق ما يتمنى الإنسان، فهناك من يدعو بتحقيق أمنية معينة كمن يريد النجاح والتوفيق في الدراسة أو العمل أو الزواج بشخص بعينه، وهناك من يريد أن يدفع الله عنه ضرًا معيناً كمن يريد أن ينجيه الله من موقف حرج، أو من يريد أن يفك الله كربته، ويزيل همه، ولذلك فإن دعاء المسألة يكون بسؤال الله عن النفع أو دفع الضر، وفي ذلك يقول المولى سبحانه وتعالي بسم الله الرحمن الرحيم “ادعوا ربكم تضرعًا وخفية” صدق الله العظيم.
دعاء العبادة : أما دعاء العبادة فلا يشترط أن يأتي في صيغ الدعاء المعروفة والتي تبدأ بـ يارب، والتي يكررها الشخص مرارًا وتكرارًا وإنما دعاء العبادة أو الثناء يعني أن يعبد المؤمن ربه بشتى أنواع العبادات إقرارًا منه واعترافا بفضل المولى جل وعلى عليه، وبواسع كرمه وجوده وعطاءه، فنجد المؤمن يصلي ويتقرب على الله بالسنن والنوافل، ويصوم الفروض والسنن ويمتثل إلى أوامر المولى جل وعلى ويبتعد عن نواهيه وذلك بدافع حبه لربه وكوسيله لشكره على نعمه التي لا حصر لها ولا عد.
فالمؤمن عندما يقوم بآداء الفروض الشرعية وما يزيد عنها فهو يتقرب إلى الله خوفًا من النار وعذابها وطمعًا في الجنة ونعيمها، وفي ذلك تضمين معنوي وإن لم يكن لفظي لدعاء المؤمن لنفسه بالجنة، فهو يفعل ذلك لأنه يدعوا الله ويتمنى أن يحصل على الجنة جزاءً لعمله الصالح في الدنيا، ولذلك يمكن القول كما قال الكثير من العلماء أن دعاء المسألة ودعاء العبادة أو الثناء متلازمين وأن كل دعاء مسألة يشتمل على دعاء عبادة وكل دعاء عبادة يستوجب دعاء مسألة، أي أن نوعين الدعاء متلازمين دائمًا.
نماذج للدعاء من القرآن الكريم
والدعاء هو واحدة من العبادات الروحانية الطيبة التي يغفل عنها الكثيرون، فالدعاء يمكن أن يغير الأقدار وأن يحقق للإنسان ما يتمنى وقد ورد ذكر الدعاء على لسان أكثر من نبي في القرآن الكريم فقد وهب الله سيدنا يحيى لسيدنا زكريا على الكبر بفضل الدعاء إذ نادى ربه نداءً خفيًا داعيًا إياه أن يمن عليه بالذرية الصالحة ولم ييأس ولم يقنط على الرغم من كبر سنه، فلا ييأس من رحمة الله إلا القوم الكافرون.
وموسى اذ دعا ربه أن يشد عضده بأخيه فقال “رب اشدد به أزري واشركه في أمري، كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا ، انك كنت بنا بصيرا” صدق الله العظيم، فأجابه المولى سبحانه وتعالي بـ “قد اوتيت سؤلك يا موسى” وغير ذلك من المواضع التي تؤكد على قيمة وأهمية الدعاء.
ولكن هناك نقطة هامة يجب ذكرها ليتحقق الدعاء يقول الله سبحانه وتعالى “ادعوا الله وانتم موقنين الإجابة” فعلى المؤمن أن يدعو وأن يلح في طلبه وبكل تأكيد فإن الله سيمنحه ما طلب سواء كان ذلك في صورة إجابة للدعاء أو عدم تحقيقه لأن تحقيقه قد يجلب ضررًا للمؤمن أو تأجيله ليحصل المؤمن على ما هو أكبر وأجمل بإذن الله.