القتل في اللغة هو إزهاق روح الإنسان أو الفتك به او اماتته ، او ذبحه ، ولكن الدين الإسلامي حرم قتل النفس الا بالحق و للحفاظ على الدين فقط ، فقد حفظ النفس البشرية ، حيث أن الهدف من أحكام الشريعة الإسلامية حفظ الضرورات الخمس، وهي حفظ الدين، وحفظ النفس، والنسل، والعقل، والمال.
ولقد شرع الله تعالى الجهاد في سبيل الله ، لأن حفظ الدين مقدم على حفظ النفس ، وقد يزهق الكثير من الأرواح في الجهاد ، وفي سبيل إعلاء كلمة الدين والدفاع عنه ، وقد شُرع القصاص من القاتل، فقد قال عز وجل: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، ورُوي عن رسول الله- صلى لله عليه وسلم- أنه قال: (لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللهِ، إلَّا بإحْدَى ثَلاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، والنَّفْسُ بالنَّفْسِ، والتَّارِكُ لِدِينِهِ المُفارِقُ لِلْجَماعَةِ).
أنواع القتل
يوجد ثلاثة أنواع من القتل :
القتل العمد، والقتل شبه العمد، والقتل الخطأ، ويمكن التمييز بينهم عن طريق معرفة النية من القتل، ونوع الأداة المستخدمة للقتل، وكل نوع من أنواع القتل له أحكاماً شرعيةً خاصةً به ، وأنواع القتل هي :
القتل العمد
القتل العمد هو قصد القاتل قتل انسان آخر باستخدام أداة يعرف أنها قد تسبب الموت ، القتل العمد له أشكال عديدة منها:
أن يقوم القاتل بضرب المقتول بأداة ثقيلة الوزن ، مثل عصا غليظة أو حجر كبير أو أن يدهسه بالسيارة ، يسبب له الموت .
أو أن يقوم القاتل بجرح المقتول بأداة لها نفوذ في بدنه كالسكين، أو الحربة، أو البندقية، أو غيرها، فيموت بسبب ذلك .
او يلقيه في مكان عميق أو خطر لا يمكنه الخلاص منه ، أو سجن ويمنع عنه الطعام والماء إلى أن يموت، كأن يلقيه في نار تحرقه، أو ماء يُغرقه، أو يخنقه بحبل، أو يسقيه سماً، أو يشهد عليه رجلان بما يوجب قتله ثم يعترفا أنهما قتلاه عمداً.
والقتل العمد هو أحد أعظم الكبائر، وله عقاب في الدنيا وعقاب في الآخرة، القاتل العمد عقابه في الدنيا هو القصاص، أي يقتل ولكن يرجع الأمر إلى ولي المقتول حيث يمكنه الاختيار بين قتل القاتل ، أو أخذ الدية، أو أن يعفو عنه، وذلك طبقا لما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن قُتِلَ له قَتِيلٌ فَهو بخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إمَّا أنْ يُفْدَى، وإمَّا أنْ يُقْتَلَ)،
وهناك عدة شروط يجب أن تتوفر في القصاص وهي:
_ عصمة المقتول: والمعصومون أربعة أصناف وهم: المسلم، والذمّي، والمُستأمن، والمعاهد.
_ يجب أن يكون القاتل عاقل بالغ متعمد القتل: إذ لا قصاص على المجنون، أو الصغير، أو المخطىء، ولكن تجب عليهم الدية.
_ اتفاق الأولياء: يجب أن يجتمع أولياء المقتول على القصاص من القاتل، ويسقط القصاص إذا عفا أحدهم .
_ التكافؤ بين القاتل والمقتول: ويكون ذلك بأن يساويه في الدين، فلا يُقتل مسلم بكافر، ولكن يُقتل الكافر بالمسلم.
القتل شبه العمد
تم تعريف القتل شبه العمد بالعديد من التعريفات ، حيث عرفه كلا من الحنابلة، والشافعية، ومحمد بن الحسن، وأبو يوسف وهو قصد ضرب المقتول عدواناً بما لا يقتل غالباً مثل السوط أو العصا،، وقد عرفه الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- على أنه تعمد شخص ضرب الآخر بما ليس بسلاح ولا يجري مجرى السلاح، والقتل شبه العمد حرام شرعاً، لأنه ينتج عن عدوان واعتداء، والعدوان محرم، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)
والقتل شبه العمد يوجب على القاتل الكفارة والإثم ، والحرمان من الميراث، والدية المغلظة على العاقلة، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا وإنَّ قتيلَ الخطإِ شبهِ العمدِ بالسوطِ والعصا مائةٌ منَ الإبلِ، أربعونَ في بطونها أولادُها).
وهناك عدة صور من القتل شبه العمد ذكرها العلماء، حيث ذكر الحنابلة منها أن يقصد القاتل ضرب المقتول والاعتداء عليه بأداة غير قاتلة مثل حجر صغير أو خشبة صغيرة، أو أن يسرف في الضرب بهدف التيب فيؤدي الى القتل ، وذكر أبو حنيفة أن القاتل قد يضرب المقتول بالسوط الصغير ويوالي بالضرب إلى أن يموت، أو أن يقصد قتله بأداة يغلب فيها الهلاك، ولكنها ليس بجارحة ولا طاعنة، مثل العصا الكبيرة ، أو الحجر الكبير، ومدقّة القصّارين .
القتل الخطأ
القتل الخطأ هو أن يفعل الإنسان ما يحق له فعله فيؤدي ذلك إلى وفاة إنسان معصوم، ومن أشكال القتل الخطأ حوادث الدهس غير المتعمد ، وحوادث السير، أو أن يرمي الإنسان ما يظنه صيداً فيصيب إنساناً معصوماً فيقتله، وفاة إنسان بسبب سقوطه في حفرة حفرها شخص أخر، والدية واجبة في حالة القتل الخطأ والكفارة، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا).
والدية واجبة على عاقلة القاتل وهم عصابته كلهم من النسب والولاء، القريب منهم والبعيد، والحاضر، والغائب، وتشمل أبناء الجاني وإن نزلوا، وآبائه وإن علوا.