لقد مرت الرواية السعودية بمراحل تطور وتقدم زمني مثلها مثل أي شيء آخر، لأنها تأثرت بالمحيط العربي المتنوع منذ دخول مفهوم الرواية إليه .

تاريخ الرواية السعودية
صدرت أول رواية في المملكة واسمها ” التوأمان ” بقلم عبد القدوس الأنصاري عام 1930، حيث تناولت الرواية قصة الصراع بين أبطال الرواية التوأمين، واللذان كانا مختلفين في نظرتهما للحياة، وقد تلت هذه الرواية عدد من الروايات الإصلاحية، مثل : رواية فكرة التي صدرت عام 1948 وكانت بقلم أحمد السباعي، وكانت هذه الرواية الأولى من نوعها التي تتناول طرح هموم الفتاة وأحلامها المستقبلية، تلتها رواية البعث عام 1948 للكاتب محمد علي مغربي، والتي هدفت إلى نقض رواية التوأمان، وكانت بقلم الدكتور سلطان القحطاني، وغيرها الكثير من الروايات التي نشرت بعد ذلك .

لذلك فإننا بصدد تقسيم مراحل نشأة وتطور الرواية السعودية إلى ثلاث مراحل أساسية، تبدأ المرحلة الأولى في الفترة بين 1930 بصدور رواية التوأمان كما وضحنا، ثم تليها المرحلة الثانية التي تبدأ من عام 1959، بصدور رواية ثمن التضحية، والتي تعد أول رواية فنية في المملكة بقلم حامد الدمنهوري، أما المرحلة الثالثة والأخيرة فهي تبدأ من عام 1980 وتمتد إلى وقتنا الراهن .

مراحل تطور الرواية السعودية
المرحلة الأولى : مرحلة النشأة والتأسيس ” 1930 – 1958 “
تبدأ مرحلة الرواية السعودية عام 1930 برواية التوأمان للكاتب عبد القدوس الأنصاري، وكانت هذه الرواية ضعيفة إلى حد كبير سواء من حيث الحبكة أو الحدث أو الزمان والمكان، وكذلك كانت هشة في رسم الشخصيات وتحليلها، وفي ترتيب الحوار وتجسيد الصراع، إلا أنها يحسب لها قوة الفكرة، ويرى كلا من الدكتور حسن الحازمي والدكتور منصور الحازمي أنها كانت اللبنة الأساسية في تكون ونشأة الرواية في المملكة .

وقد ظهرت بعدها عدد من القصص المتوسطة في الطول، ولكنها لا تمتلك أي حس فني مثل ” فتاة البوسفور “، للكاتب صالح سلام، و ” الانتقام الطبيعي ” للكاتب محمد نور الجوهري، إلى أن صدرت رواية فكرة للكاتب أحمد السباعي، ورواية البعث للكاتب محمد مغربي عام 1948، حيث كانوا يهدفون إلى إصلاح الواقع الاجتماعي .

المرحلة الثانية : مرحلة النضج الفني ” 1959 – 1979 “
تميزت المرحلة الثانية في عمر الرواية بالمملكة بتطور كبير بالموهبة، حيث لم تعد الروايات مقتصرة على الإصلاح الاجتماعي والتهذيب وخلافه، بل اتجه الكتاب والروائيون إلى محاولة إثبات الذات للرواية السعودية، وتبدأ هذه المرحلة مع رواية ثمن التضحية عام 1959، والتي كتبها الروائي حامد دمنهوري، وهي بمثابة نقطة التحول في تاريخ الرواية بالمملكة، بعد مرور ثلاثون عاما من المحاولات .

ثم جاء في عام 1961 الكاتب إبراهيم الناصر، برواية ثقب في رداء الليل، التي سارت على نفس خطا رواية ثمن التضحية ولم تقل عنها فنيا، وفي نفس العام صدرت الرواية الثالثة ” الأفندي “،  وكانت للكاتب محمد سعيد، تلتها رواية ” ومرت الأيام ” التي تعد الرواية الثانية لحامد دمنهوري، وذلك عام 1963، وشهد عام 1965 ظهور أول رواية تاريخية بعنوان ” أمير الحب “، للكاتب محمد زراع عقيل .

وكان للمرأة دور هام في هذه المرحلة، وأهم روائية بدأت بالدخول لهذه المرحلة هي سميرة خاشقجي، الملقبة برائدة الرواية العاطفية، ولها عدد كبير من الأعمال مثل : ودعت آمالي عام 1961، ذكريات دامعة عام 1962، بريق عينيك 1963، قطرات من الدموع 1971، مأتم الورود 1973، وكذلك الروائية هدى الرشيد بروايتها ” غدا سيكون الخميس ” عام 1977، وغيرهم .

المرحلة الثالثة والأخيرة : مرحلة التجديد والتحديث ” 1980 حتى الآن “
تعد هذه المرحلة امتداد للمرحلة الثانية التي قامت بتسليط الضوء على تقاليد المجتمع وتحولاته وعاداته ومعاناته، وقد شهدت فترة الثمانينيات طفرة روائية بسبب الطفرة الاقتصادية التي حدثت في المملكة، والتر ترتبت عليها طفرة اجتماعية، وحدوث انفتاح على الثفافات العربية والغربية، وتعد رواية شقة الحرية للكاتب غازي القصيبي عام 1994، هي نقطة التحول والتأسيس الحقيقي لهذه المرحلة، جاءت بعدها ثلاثية أطياف الأزقة المهجورة لتركي الحمد، من عام 1996 إلى عام 1998، وغيرهم .

أما بعد عام 2000 فقد زاد تطور الرواية بالمملكة أكثر وأكثر، وذلك بسبب الإقبال على هذا الفن، وقد تأثرت هذه المرحلة بالأحداث التي جرت على الساحة مثل حرب الخليج الثانية عام 1990، وأحداث 11 سبتمبر عام 2001 في الولايات المتحدة، وتميزت الروايات منذ هذا الوقت بجرأة أكبر، مثل رواية بنات الرياض عام 2005 للكاتبة رجاء الصانع، وقد تضاعفت عدد الروايات في الفترة من 2000 إلى 2011، عن الفترة بين 1930 إلى 1999، حيث شهدت بداية الألفينيات حتى الآن طفرة إنتاجية كبيرة للرواية السعودية .