الحليم هو الشخص الطيب الخلق ، و قد كان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين هم أكثر الناس المعروفين بهذا الخلق ، و لكن برز الأحنف بن قيس من بينهم ، و لهذا سُمي حليم العرب .

الأحنف بن قيس 

– هو ابن معاوية بن حصين ، الأمير الكبير ، العالم النبيل أبو بحر التميمي ، أحد من يضرب بحلمه وسؤدده المثل ، ولد الأحنف بن قيس في السنة الثالثة قبل الهجرة في مدينة البصرة في العراق ، و اشتهر بالأحنف لحنف رجليه ، و هو العوج و الميل ،  أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، و يُذكر أنه جاء إلى المدينة في عهد الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

– و قد أشار المؤرخون إلى أن الأحنف بن قيس قد ترك أثراً و بصمة واضحة في التاريخ الإسلامي ، حيث يعود له الفضل بفتح كل من مرو و هراة و نيسابور ، و كان أحد قواد علي يوم صفين ، و كان قليل الحديث وكان صديقا لمصعب بن الزبير ، فوفد عليه إلى الكوفة ،

أخلاق الأحنف بن قيس 

– عُرف الأحنف بن قيس في زمنه بأنه شخص حليم و عقلاني للغاية ، و كان ممن حرموا على أنفسهم شرب الخمر قبل مجيء الإسلام بعد أن حدث له موقف أثار ضجره و تاب بعدها عن تناول الخمر .

– و من شده حلمه و حسن أخلاقه ، يقال بأن بنو تمام قد عاشوا بفضله و سعة خلقة لمدة أربعين عاماً ، حتى إنه كان لا يأتي سلطاناً إلا إذا دعاه لذلك ، و لا يتدخل بأمر أحد إطلاقاً ، و لم يكن يغتاب أحداً من قومه و لا يذكر الجميع إلا بالخير ، كما أنه كان إذا أراد أحدهم أن يعيب أحداً أمامه يتركه منصرفاً حتى لا يتدخل بما لا يعنيه .

– يقول العلاء بن الفضل المنقري : حدثنا العلاء بن جرير ، حدثني عمر بن مصعب بن الزبير عن عمه عروة ، حدثني الأحنف ، أنه قدم على عمر بفتح تستر فقال : قد فتح الله عليكم تستر وهي من أرض البصرة . فقال رجل من المهاجرين : يا أمير المؤمنين ، إن هذا -يعني الأحنف – الذي كف عنا بني مرة حين بعثنا رسول الله في صدقاتهم ، وقد كانوا هموا بنا . قال الأحنف : فحبسني عمر عنده سنة يأتيني في كل يوم وليلة ، فلا يأتيه عني إلا ما يحب ، ثم دعاني فقال : يا أحنف هل تدري لم حبستك عندي؟ قلت : لا يا أمير المؤمنين . قال : إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حذرنا كل منافق عليم فخشيت أن تكون منهم ، فاحمد الله يا أحنف .

وفاة الأحنف بن قيس

لقد توفي الصحابي الجليل الأحنف بن قيس التميمي في سنة عشرين للهجرة ، و قد كان حينها يبلغ من العمر سبعة و ستين عاماً ، و تم تشيع جسده الطاهر في مدينة الكوفة في العراق ، و دفن فيها .

أقوال الأحنف بن قيس 

– قال الأحنف: خير الإخوان مَن إذا استغنيت عنه لم يزدِك في المودة، وإن احتجتَ إليه لم ينقصك منها، وإن عثرتَ عضدك، وإن احتجت إلى مؤونته رفدك وأنشد:

أَخُوكَ الَّذِي إِنْ تَدْعُهُ لِمُلِمَّةٍ يُجِبْكَ                    وَإِنْ تَغَضَبْ إِلَى السَّيْفِ يَغْضَبِ .

– قال الأحنف: إنَّ الله جعل أسعدَ عباده، وأرشدَهم لديه، وأحظاهم يوم القيامة – أبذلَهم للمعروف يدًا، وأكثرَهم على الإخوان فضلاً، وأحسنَهم له على ذلك شكرًا.

– جاء رجلٌ فشتم الأحنف، فسكت عنه، وأعاد فسكت، فقال الرجل: والْهفاه، ما يمنعه من أن يردَّ عليَّ إلا هواني عنده.

– قال الأحنف: لا صَدِيقَ لملول، ولا وفاءَ لكذوب، ولا راحة لحسود، ولا مروءة لدنيء، ولا زعامة لسيئ الخُلق.

– قال الأحنف لمعاوية: أخافك إنْ صدقتُك، وأخاف اللهَ إن كذبتُك .
– قال الأحنف: لقد اختلفْنا إلى قيس بن عاصم في الحِلم كما نختلف إلى الفقهاء في الفِقه. وكان يقول: لا مروءةَ لكذوب، ولا سوادَ لبخيل، ولا ورعَ لسيئ الخُلق .

– وقال الأحنف: رُبَّ رجل لا تغيب فوائده، وإن غاب آخَرُ لا يسلم منه جليسه وإن احترس .
– قال الأحنف بخراسان: يا بني تميم، تحابُّوا تجتمعْ كلمتُكم، وتباذلوا تعتدلْ أموالكم، وابدؤوا بجهاد بطونكم وفُروجكم يصلحْ لكم دينكم، ولا تَغلُّوا يَسلمْ لكم جهادكم.

– قال الأحنف : أسرع الناس إلى الفِتنة أقلُّهم حياءً من الفرار .
– قال الأحنف: السؤدد مع السواد – يريد أنَّ السيِّد يُعرف في حداثته وسواد رأسه ولحيته .