قالوا قديمًا: “الدَّين همٌّ بالليل ومذلَّةٌ بالنهار”؛ فهو من أعظم الهموم التي إذا ما أصابت الفرد أوهنته وزادت حزنه وكدره. وقد جاء فيما رواه الطبراني أن عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه جلسَ يتأمَّل أشدَّ مخلوقات الله، فقال: “أشد خلق جنود ربك عشرة: الجبال الرواسي، والحديد ينحت الجبال، والنار تأكل الحديد، والماء يُطفئ النار، والسحاب المُسخَّر بين السماء والأرض يحمل الماء، والريح ينقل السحاب، وابن آدم يتقي الريح بيده ويذهب لحاجته، والسُّكر يغلب ابن آدم، والنوم يغلب السكر، والهم يمنع النوم، فأشدُّ خلق ربك الهم”، وقديمًا قالوا: “لا همَّ إلا همُّ الدين”. لذا قد علمنا سُبحانه وتعالى على لسان نبيه أدعية قضاء الدين التي يُستعان بها على الديون والكربات.
كيفية قضاء الدين
هناك بعض الوسائل التي يتوجب على الفرد مراعاتها والتوسل بها ليتمكن من قضاء دينه، والتي تتمثل في:
- النية: إذ يتوجب على المسلم منذ حصوله على الدين أن ينوي السداد ويعزم عليه، لكي يُعينه الله عز وجل ويقضي عنه دينه.
- السعي: فالسعي ضرورة من ضروريات الحياة، أمرنا الله تعالى بها وأكد على أهمية التوسل بها جنبًا إلى جنب مع التوكُّل على الله عز وجل لبلوغ الغاية، سواء كانت قضاء دين أو غير ذلك. فشتان ما بين التوكل المصحوب بالسعي والعمل والتواكل المصحوب بالتخاذل والتكاسل.
- الدعاء: فهو أيضًا وسيلة لا غنى عنها، يستعين المسلم بها في سائر أمور حياته. وقد ورد في السنة النبوية المطهرة العديد من أدعية قضاء الدين التي يُستَحب ترديدها في مثل هذا الموقف.
أدعية قضاء الدين
أدعية قضاء الدين كثيرة، منها:
- جاء رجل إلى علي بن أبي طالب يطلب منه أن يُعينه في دينه، فقال له: ألا أُعلمك كلمات عملنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو كان عليك مثل جبل صبير دينًا لأداه الله عنك؟ قل: “اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، واغنني بفضلك عمَّن سِواك”. رواه أحمد والترمذي.
- دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، فإذا برجلٍ من الأنصار يُدعى أبو أُمامة، فقال: “يا أبا أُمامة، مالي أراك جالسًا في المسجد في غير وقت الصلاة؟” فقال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله. قال: “أفلا أُعلمك كلامًا إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همَّك وقضى عنك دينك؟” قال: بلى يا رسول الله. قال: “قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال.” رواه أبو داود.
- وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ: ألا أعلمك دعاء تدعو به، لو كان عليك مثل جبل أحد دينًا لأداه الله عنك؟ قل “اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير إنك على كل شيء قدير، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، تُعطيهما من تشاء وتمنعهما من تشاء، ارحمني رحمةً تغنيني بها عن رحمة مَن سواك”.