بمجرد أن يذكر أسم المغول أو التتار ، تصور لنا عقولنا أقصى الصور وحشية ، تلك التي لا تمت للإنسانية بصلة ، هذا الشعب الذي قضى على الأخضر و اليابس ، بل و يذكر أنه كان سبب في القضاء على حوالي 10% ، من سكان العالم آنذاك ، فهل سمعنا من قبل أن هذا الجيش الوحشي ، قد اعتنق جزء كبير منه الإسلام ، بل و حارب في صفوف المسلمين ضد المغول .
أصل قبائل المغول
– ترجع أصول المغول إلى صحراء تعرف باسم غوبي ، و تقع في أطراف الصين الشمالية ، تلك القبائل عبدة الأوثان و الشمس ، و الكواكب فضلا عن ديانة أخرى ، تعرف بالشامانية أو تقديس أرواح الأجداد .
– و قد أطلق عليهم الجنس الأصفر أو المغولي ، لسكنهم في قارة أسيا ، فقد كانوا أيضا يضموا العديد من الجنسيات الأخرى ، و منهم الترك .
– كان للمغول أثر كبير في التاريخ الإسلامي ، حيث عملوا على الإبادة و القتل ، و استباحة عرض المسلمين ، بل و طمس حضارتهم ، حتى تم هزيمتهم في عين جالوت ، تلك المعركة التي كانت نقطة تحول في تاريخ المغول ، و قد تحدث العديد من المؤرخين و النقاد عن تلك المعجزة ، التي أظهرت تحول المغول للإسلام ، على الرغم من محاولات المغول في التعتيم عنها ، و محاولتهم للانصهار في وسط الشعوب المسلمة ، دون أن يظهر هذا الأمر .
انتشار المسلمين عند المغول
– قبل أن يبدأ العالم الإسلامي في الانجراف وراء هذا السيل ، الذي حاول بشتى الطرق طمس ، معالم المسلمين و حضارتهم .
– بدأ الشعب الإسلامي في دعوتهم للإسلام ، و لم يتم ذلك من خلال الدعوة الصريحة ، أو حتى بحد السيف كما يظهر البعض و ، لكن تسربت الدعوة الإسلامية و انتشرت من بينهم ، حتى تمكنت من إخضاع هذا الشعب الدموي ، الذي قهر المسلمين .
– لم يكن هذا الأمر غريبا كما يبدو في الظاهر ، و ذلك لأن المسلمين في ذاك الوقت لم يكونوا منقسمين ، و كانت سمات الدين الإسلامي واضحة عليهم ، تنتشر بزهوها المعروف مع محاولات طمسها .
– كان من أشهر من تحدثوا عن هذا الأمر أحد المؤرخين المعروفين ، و هو توماس أرنولد حيث قدم كتابا يشرح فيه هذا التحول الغريب و كان من بين سطور هذا الكتاب ، استغرابه الشديد لقدرة المسلمين على مناهضة ذلك المنافس القوي ، و الذي اتسمت علاقته بالمسلمين بالمعارك الضارية ، فكان من الطبيعي أن تزداد قلوبهم قسوة ضد المسلمين لا أن تميل لهم و لدينهم.
– على الرغم من أن جنكيز خان كان متسامحا في العديد من الديانات ، و يتقبل هذا الاختلاف إلا أنه كان شديد العنصرية ضد المسلمين ، و قد عمل على عقاب كافة من يتبعوا طريقة المسلمين في الذبح مثلا .
– حينما اوقعوا المغول بالمسلمين ظهرت العديد من الصفات الإسلامية السمحة ، تلك التي احتكوا بها و عاصروها طوال فترة محاولتهم لهدم الحضارة الإسلامية و السيطرة على بلاد المسلمين .
– عرف المغول بالقوة المفرطة و التنظيم العسكري الشديد و لكنهم اتسموا أيضا ، بالهمجية و قلة التحضر فقد تحدث عنهم العديد من المؤرخين بكونهم شعب همجي عاش في حظيرة المسلمين .
– و عندما انصهروا وسط المسلمين وجدوا انهم ليسوا ذلك الشعب الذي يعيش على الصلاة و التدين ، فحسب بل أنهم قوة عسكرية لا يستهان بها ، و عقل مدبر قوي و هذه القوة تنبع قوة العقيدة و التمسك بها .
انتشار الإسلام في صفوف المغول
– كان أول من أسلم في صفوف المغول بركة خان ، أحد من تولوا الحكم بعد موت جنكيز خان ، و قد أسلم بعد أن التقى ببعض التجار المسلمين و بعد ذلك انضم لصفوف المسلمين ، التي تتبع ركن الدين الظاهر بيبرس .
– و قد استقبلهم بيبرس بالحفاوة و التكريم و تعلموا أصول الدين على يد المصريين ، و انضموا لصفوفهم محاربين المغول و قد كان ذلك داعما قويا للمسلمين ، فيما بعد في الوقوف في وجه المغول و صد هجماتهم المرعبة .