يُعرّف الحديث النبوي الشريف لغةً بأنه الجديد من الشيء، أمّا اصطلاحاً فهو كل ما أُضيف إلى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خُلقية أو خَلقية، ويعني التقرير سكوت النبيّ -عليه السلام- عن فعل أو قول، وهذا التعريف خاص بالحديث المرفوع عنه صلّى الله عليه وسلّم، وفائدته تكون بالابتعاد عن الخطأ فيما نُقل عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ومعرفة طريقة الاقتداء به في صفاته وأفعاله.
عن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «ثلاثة يحبهم الله، وثلاثة يبغضهم الله، فأما الذين يحبهم الله: فرجل أتى قوماً فسألهم بالله ولم يسألهم بقرابةٍ بينه وبينهم فمنعوه، فتخلف رجل بأعقابهم فأعطاه سرا لا يعلم بعطيته إلا الله، والذي أعطاه، وقوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم احب إليهم مما يعدل به نزلوا فوضعوا رءوسهم، فقام أحدهم يتملقني ويتلوا آياتي، ورجل كان في سرية فلقى العدو فهزموا وأقبل بصدره حتى يقتل أو يفتح له، والثلاثة الذين يبغضهم الله: الشيخ الزاني، والفقير المختال، والغني الظلوم». [حديث صحيح أخرجه النسائي وبن حبان في صحيحه]
معاني المفردات:
الأعيان: الأشخاص.
يتملقني: هو الزيادة في التودد والدعاء والتضرع.
فهزموا: يعني بها أصحابه.
الشيخ: يعني به الشيبة وهو ضد الشباب، وهو الرجل المحصن الكبير في السن.
المختال: أي المتكبر.
الظلوم: كثير الظلم.
شرح الحديث:
يخبرنا رسول الله صل الله عليه وسلم عن ثلاثة أنواع من الرجال يحبهم الله، من خلال سرده لموقف كل منهم والذي تسبب في محبة الله له، فالأول: يأتي رجل على قوم فيسألهم بالله مستعطفًا إياهم ولم يسألهم لقرابة أو صلة بينه وبينهم فمنعوه العطية فتخلف عنهم أحدهم حتى لا يرون فعله وأعطاه سرًا فلا يعلم بعطيته له إلا الله والرجل السائل الذي أعطاه وهو تقرير لمعنى العطاء في السر.
والثاني: قوم ساروا طوال ليل حتى أنهكهم السير وعندما استقروا للمبيت كان أحب إليهم النوم عن أي شيء آخر فقد أنهكوا من عناء الرحلة والسير، فناموا جميعًا إلا أن أحدهم فضل لقاء الله وعبادته على النوم والراحة فقام يناجي ربه ويرجوا رحمته ومغفرته ويتودد ويتضرع إليه وهنا تقرير لمعنى التضرع والمناجاة، والثالث هو رجل في معركة خرج يجاهد في سبيل الله وعلى الرغم من هزيمة أصحابه إلا أنه أقبل على العدو بصدره لا يهابهم يريد أن يفوز بإحدى الحسنيين إما النصر وإما الشهادة في سبيل الله.
وأما الثلاثة الذين يبغضهم الله لقبح فعلهم وعظم جرمهم فهم، الشيخ الزاني وهو الرجل المتقدم في العمر والمحصن أي المتزوج أو من سبق له الزواج وليس بكر، والثني هو الفقير المختال بنفسه المتكبر على من حوله وليس المتعفف، والثالث هو الغني الظلوم أي كثير الظلم على من حوله لبخله وقلة عطيته.
المستفاد من الحديث:
– الله يحب العطاء في السر قبل العلانية والذي يكون بين العبد وربه خالصًا لوجهه الكريم.
– الله يحب مناجاة العبد له وتضرعه وتودده إليه.
– فائدة قيام الليل وما فيه من جزيل العطاء والثواب.
– الاستشهاد في سبيل الله هو أعلى منزلة قد يصل إليها المسلم فهي في منزلة الأنبياء والصديقين.
– يبغض الله تعالى فعل الزنا ويخصص له عقوبة رادعة خاصة لو كان الزاني كبيرًا في السن.
– لا تبارز الله باالمعاصي والسيئات ولكن قدم الحسنات والأفعال الصالحة فمحبة الله تعالى تعني رضاه والجنة.