عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله: علمني خيراً، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيده فقال: «قل سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر» قال: فعقد الأعرابي على يده ومضى فتفكر، ثم رجع فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تفكر البائس فجاء» فقال: يا رسول الله، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر هذا لله فما لي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أعرابي إذا قلت: سبحان الله، قال الله: صدقت، وإذا قلت: الحمد لله، قال الله: صدقت، وإذا قلت: لا إله إلا الله، قال الله: صدقت، وإذا قلت: الله أكبر، قال الله: صدقت، وإذا قلت: اللهم اغفر لي، قال الله: فعلت، وإذا قلت: اللهم ارحمني، قال الله: فعلت، وإذا قلت: اللهم ارزقني، قال الله: قد فعلت» قال فعقد الأعرابي على سبعٍ في يده ثم ولى.
شرح الحديث:
كان عادة الصحابة والمسلمون جميعًا أن يسالوا رسول الله عن أمور دينهم حتى يتعلموه منه وينهلون من فيض علمه الذي وهبه الله إياه، وكان كل من يزور مكة أو المدينة يجدها فرصة عظيمة ليسأل رسول الله عن امر يشغله أو يهمه، وكان أعظم ما يهم المسلمون في ذلك الوقت هو تعلم الخير وفعل الصواب والبعد عن المعاصي والسيئات.
فجاء ذلك الأعرابي أي أنه ليس من قريش ولا من الأنصار فقال لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه: علمني خيرًا، أي علمني ما ينفعني ويجلب لي الخير من الحسنات فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم: «قل سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر» أي أنك إذا قلت هذه الكلمات البسيطة سوف تحصد من الخير ما لا يحصى ولا يعد.
فعقدها الأعرابي على أصابعه أي عدها على أصابعه وبعد أن مضى في طريقه عاد مرة أخرى إلى رسول الله، فتبسم رسول الله صل الله عليه وسلم وقال: «تفكر البائس فجاء» أي علم أن الأعرابي لم يعي ما هو الخير من وراء هذه الكلمات فعاد مرة أخرى، فقال الأعرابي: يا رسول الله، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر هذا لله فما لي؟ أي أن هذه الكلمات كلها لله فأنا أقول سبحان الله أي أسبح الله فكيف يأتيني الخير من وراء ذلك؟!
فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم: «يا أعرابي إذا قلت: سبحان الله، قال الله: صدقت، وإذا قلت: الحمد لله، قال الله: صدقت، وإذا قلت: لا إله إلا الله، قال الله: صدقت، وإذا قلت: الله أكبر، قال الله: صدقت، وإذا قلت: اللهم اغفر لي، قال الله: فعلت، وإذا قلت: اللهم ارحمني، قال الله: فعلت، وإذا قلت: اللهم ارزقني، قال الله: قد فعلت»، أي أنك بهذه الكلمات يوجد بينك وبين الله سبحانه وتعالى حوار، مما يعني الوصال والمدد بين العبد وربه وهو ما لا يقابله كنز من كنوز الدنيا يحصل به الإنسان على الرزق والعفو والرحمة وكل ما يطلبه من ربه فهو مجاب له، فقط كن في معية الله وليس في معية البشر، وبعد أن تفهم الأعرابي أنه قد حصل على كنز من كنوز الدنيا والآخرة مشى وهو يعقدها على أصابعه حتى لا تتفلت منه.