التراث الإنساني في هذا العالم هو الإنسانية والبشر، والذي أصبح مهددا الآن أكثر من أي وقت مضى، فالتراث الإنساني أصبح الآن تحت رحمة من لا يقدرون قيمته ولا يهتمون بتخليد تاريخه، مما يجعله عرضة للسرقة والنهب وحتى التخريب، ولكن هناك من يذكرنا بأهمية هذا التراث العظيم من خلال الاحتفال بيوم التراث العالمي والذي يحتفل به العالم في 18 إبريل من كل عام بهدف حماية التراث الإنساني والتعريف بالمجهود القائم من خلاله، وتعزيز الوعي للجميع بأهمية التراث الثقافي للبشرية لحماية التراث والمحافظة عليه، وتعود أهمية هذا اليوم إلى تذكر التراث الإنساني الكبير التي تنفرد به كل دولة، سواء كان تراثا عمرانيا أو طبيعيا وهو ما يلزمنا الحفاظ عليه، فما هو تاريخ الاحتفال بيوم التراث العالمي؟ هذا ما سوف نورده في هذا المقال.
تاريخ يوم التراث العالمي
يوم التراث العالمي أو ما يعرف بالإنجليزية world heritage day هو اليوم الذي تحتفل به العديد من دول العالم تحديدا يوم 18 إبريل وهو يوم حدده المجلس الدولي للمباني والمواقع الأثرية (ICOMOS) للاحتفاء به كل عام، ويتم برعاية منظمة اليونسكو ومنظمة التراث العالمي للاحتفال بهذا اليوم لحماية التراث الإنساني حسب الاتفاقية التي أقرها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في باريس عام 1972 حيث تصنف هذه الاتفاقية التراث إلى نوعين هما:
1- ثقافي والذي يشمل الآثار والأعمال المعمارية والمواقع الحضارية ذات القيمة الاستثنائية.
2- طبيعي ويشمل المواقع الطبيعية ذات القيمة العالمية.
وجاءت هذه الاتفاقية بسبب العبث ببعض المواقع الأثرية وتدميرها، مع غياب التشريعات والأنظمة والسياسات العامة والتي تلزم المؤسسات والأفراد على الحفاظ على المواقع التراثية والأثرية، ومن خلالها تبين كيفية التعامل معها على كافة المستويات، وقصور أساليب التخطيط العمراني، وأنظمة البناء والهدم والإزالة التي تتجاهل التراث العمراني والذي يهدد التراث، إضافة إلى نقص المعلومات الخاصة بمواقع وأبعاد المناطق والمباني التراثية والأثرية ونقص المعلومات التاريخية الخاصة بتلك المناطق وغياب الخطط والآليات وبرامج التنفيذ الخاصة بإعادة إحياء التراث العمراني والحفاظ على التراث.
أهمية التراث الإنساني
يعتبر التراث الإنساني هو الشاهد على الإنسان وعلى إعماره للأرض، وهو أيضا الشاهد على إنجازاه وتطوره، وهو الشاهد على تفاعل الحضارات الإنسانية وانفرادها بالمميزات التي تجعلها فريدة عن غيرها، فالتراث هو بمثابة مفتاح الهوية فهو المفتاح على مجهود البشر في إعمار الأرض، وأن أي تدمير للتراث أو تشويهه يصب في النهاية في تشويه الأمة والوطن بالكامل، لذلك يجب الحفاظ على كل ما خلفه الإنسان لأنه هو التراث الإنساني الذي يجب المحافظة عليه لأنه واجب إنساني.
ففي السابق كانت الآثار المترتبة على التراث الإنساني هي السرقة والنهب والجهل بقيمة هذا الأثر، ولكن ما يؤرقنا اليوم هو أن الأمر وصل إلى حد التدمير الذي يمحو الأثر من حال الأصل وهذا ناتج عن تطور وسائل الصراع المستخدمة في الحروب أو نتيجة لأعمال القصف أو التفجيرات أو التكنولوجيا الحديثة وغيرها من الأساليب المرفوضة.
أهمية اليوم العالمي للتراث
لذلك فإن اليوم العالمي للتراث هو فرصة لحماية التراث الإنساني وفرصة لمراجعة مفهوم التراث الإنساني ومعرفة أهميته، لأن مفهومه مازال مشوشا، فهناك آثار لم تدخل إلى الآن قائمة التراث الإنساني على الرغم من أهميتها وتاريخها العريق ولذلك لم تحظى باهتمام كبير، حتى البيوت والمنازل هي أيضا تراث إنساني وأن تدميرها لتجديدها يعتبر تدمير لأثر إنساني، والدليل على ذلك طمس الطراز المعماري الدمشقي والبغدادي نتيجة للنزاعات، وأيضا استبدال نمط البيت الريفي بأنماط عمرانية جديدة يعرضها إلى التدمير، لذلك يجب أن يكون هناك قوانين وتشريعات لحماية الأنماط العمرانية التي تعتبر جزءا من الهوية.
هذا بالإضافة إلى التراث الطبيعي بمعطياته الجغرافية والجيمورفولوجية والمناخية والبشرية والتي قد أدت إلى تنوع المعطى الحيوي من النبات والحيوان، وحتى هذا التراث أصبح مهددا نتيجة للتطور الذي يحيط بها ويؤدي إلى تغيير ملامح الطبيعة وهو ما يهدد الحيوانات والنباتات، لذلك فإن الحفاظ عليها الآن أمر ملح من خلال الأنظمة والقوانين والتشريعات والإجراءات كإنشاء المحميات الطبيعية والتي تحافظ على الغلاف الحيوي من تصرفات الإنسان تجاه الطبيعة.