قد يأتي أحيانا النجاح من قلب الفشل وتأتي الحياة من قلب الموت وغالبا ما تصنع المحن العباقرة والمبدعين بنطبق كل ماسلف ذكره على الأديبة الفرنسية مارجريت دوراس، ولدت مارجريت دوراس في 4 أبريل 1914م في أحد مستعمرات فرنسا في فيتنام تسمى سايجون وتسمى المدينة الآن هو شى وهنا بدات الهموم تثقل كاهلها مبكرا حيث توفى والدها وهى في سن مبكرة وعاشت مع والدتها وأختها وأخيها.
حياة مارغريت دوراس :
أول قصة حب في حياة مارجريت دوراس كانت مع شاب صينى أحبته بشده ولم تكمل وقتها السابعة عشر من عمرها، ولم تكن تلك السنوات هي الجنة بالنسبة لمارجريت بل تخللتها مشاكل عديدة بينها وبين اخواتها والمعاملة القاسية من أخيها وأختها وهذا ظهر بالفعل في كثير من كتاباتها فيما بعد.
وتلك الضغوط دفعتها للسفر إلى باريس وهي في السابعة عشر من عمرها حيث كانت الحرب العالمية الثانية في أوجها وهناك انضمت للمقاومة الفرنسية كان يرأسها فرانسوا ميتران الرئيس الفرنسى ضد الاحتلال النازى الألمانى،ثم انضمت للحزب الشيوعي الفرنسي على الرغم من أنها لم تقرأ من قبل كتابا عن الشيوعية لكارل ماركس أو انجلز ولكن انضمامها للحزب كان نابعا من تعاطفها الجارف مع الفقراء والمهمشين والمعدومين تعبيرا عما بداخلها من أحاسيس قد ظهرت جليا فى كتاباتها فيما بعد وبسبب اختلاف أفكارها مع توجهات الحزب طردت منه وكانت بدايات كتاباتها رواية ( السيد فى مواجهة الباسيفيك )عام 1950م .
بدايات ظهور أعمال مارغريت دوراس :
رواية (السيد فى مواجهة الباسيفيك) تلك بداية الإنطلاقة الحقيقية لمارغريت في عالم الأدب والمسرح والسينما وتحكي عن طفولتها في الهند حيث ولدت وتربت هناك وتبعها رواية عظيمة تحولت لمسرحية بعنوان( الميدان ) حققت نجاحا ساحقا وشهرة واسعة لها ولكن من أكثر الأمور التي قربت بينها وبين الجمهور سيناريو كتبته لفيلم بعنوان ( هيروشيما حبى ) وبرغم أن النقاد لم يجمعوا كلهم على استحسان الفيلم إلا انه كان البداية الحقيقية لقلب وعقل جمهورها بغض النظر عن رأي النقد الفني للفيلم.
لقد تم ترشيح مارغريت دوراس لجائزة الاوسكار نظرا لكثير من الأعمال الفنية المبهرة التي جذبت انتباه العالم والتي تم تحويلها لأعمال فنية وسينمائية هامة ورغم مهاجمة الكثير من النقاد تم عمل قصة حياة مارغريت دوراس لعملا سينمائيا يروي قصة حبها ومعاناتها وقد قامت الممثلة “ جان مورو ” بتجسيد دور “ مارغريت دوراس ” والممثل “ أميريك دو مارينيه ” بتجسيد دور “ يان أندريا ”.
ويؤكد الكثير من النقاد أن قصة الحب تلك كانت نهاية لحياة مارغريت دوراس فهي كان عمرها آن ذاك 77 عاما وحبيبها 25 عاما ولكنها كانت تروي قصة حبها لأنها كانت سعيدة جدا آن ذاك بهذا الحب.
أعمال هامة للكاتبة مارغريت دوراس:
رواية “ العشيق ” 1984
رواية “ السيد في مواجهة الباسيفيك ”
مسرحية “ أيام بأكملها بين الأشجار ”
سيناريو “ هيروشيما حبي ”
والعديد من الاعمال التي أصبحت أهم ما يجذب أغلب الفرنسيين على وجه الخصوص فقد كانت مارغريت دوراس تتمتع بحس طبيعي يصف معاناة البشر وأحلامهم وتحقيقها في ظروف الحياة التي يعيشها الفرد مهما اختلف موطنه ولغته وطبقته وعلمه ومعرفته بالحياة، فقد توفت مارغريت دوراس في عام 1996م، وقد تركت كنزا ضخما من الروايات والاعمال الفنية التي مازالت تتصدر مبيعات الكتب والافلام لمحبي فنها وكلماتها التي تلمس القلوب قبل العقول.