عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” إذا مات ابن أدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”، وهو من الأحاديث الشريفة الصحيحة التي رواها مسلم، ومعنى الحديث الشريف أن هناك الأعمال التي يوفق فيها العبد بحياته ويجري ثوابها عليه بعد الممات هو راقد في قبره، وهو الأمر الذي نتناوله في المقال التالي.
ما معنى انقطاع العمل
ينقطع عمل الإنسان أي ينقطع عمله الذي يجري عليه بعد الموت، ويعد هذا الحديث النبوي الشريف من باب الأوقاف لأنه لا يبقى من بني أدم سوى الوقف الذي يتركه بعد الممات، ويستمر دون البيع أو الهبة، ولكن ثمرة الوقف تنفق على أوجه الخير المختلفة، ولهذا سمي موقوف لا يتم التصرف فيه وهو من سنة المسلمين التي شرعها المولى لمنفعة الأجيال القادمة، ويوجد العديد من الأوقاف التي تركها أهل الخير سواء كانت مدارس أو مستشفيات أو كتب يدرس فيها أو مال يصرف منه على اليتامى، وهكذا.
ما معنى الصدقة الجارية
الصدقة الجارية التي تتبقى بعد الموت هي تلك الملكية الخاصة التي يتركها المتوفى ويصرف من ريعها على الفقراء والمساكين أو في الجهاد أو التعمير في المساجد أو المساواة بين الأقارب، والجارية تعنى أن أصل الملكية الخاصة موجود والثمار تمشي في طريق الخير، والثمرة تكون ثمار أو حبوب أو دراهم.
ما معنى علم ينتفع به
عند موت العالم أو المعلم يترك الكتاب أو الطلبة وهو الأمر الذي يجعله ينتفع ويأخذ الملايين من الحسنات، حيث أن الكتاب يطلع عليه الملايين والطلاب يعلموا طلاب وهكذا، وربما ترك المعلم ندوات أو محاضرات مسجلة وهذا ينفع من يشاهدها مرة أخرى مما يمنحه الأجر طوال الوقت.
ما معنى ولد صالح يدعو له
عند موت العبد يدعو له الولد الصالح مما يمنحه الأجر والثواب، ولكن هل يتوقف الدعاء على الأولاد فقط؟ نعم دعاء الولد الصالح له ميزة الخصوصية لأنه يدعو لوالده بسبب إحسانه له، والدعاء للميت يصله من الولد وغيره وربما كان جار أو قريب أو تلميذ وغيرهم من أحباء المتوفى الذين يدعون له بالرحمة، وجاءت كلمة الصالح لأن العبد الصالح دعائه مستجاب أو أقرب إلى الإجابة، وهو خير من الولد الفاجر.
ويقول المولى عز وجل “والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا ربنا إنك رءوف رحيم”.
ومن أمثلة الدعاء الذي يقال للمتوفي اللهم ارفع درجته في المهديين، اللهم كفر سيئاته، اللهم ضاعف حسناته، اللهم أسكنه الجنة، اللهم أرحمه، والعديد من الدعوات الطيبة، ومنه القران الذي يتوب عليه المتوفى ولكنه هذا من الأمور الخلاف التي كان للعلماء فيها أراء فمنهم من قال أن قراءة القران تلحق بالميت ويثاب عليها وقاسوا على الصدقة، والبعض قال لم يأتي في القران ولا السنة ما يدل على تثويب القران.
والدعاء عن طريق الصوم أو الصلاة للمتوفى فهي من الأمور الخطأ وفي هذا قال صلى الله عليه وسلم “من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد”، وقال “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”، ويمكن فقط الحج أو الدعاء أو الصدقة عن الميت ويمكن أداء الصيام الواجب عليه أي إذا مات وعليه صيام سواء نذر أو كفارة أو رمضان، ولكن الصوم التطوعي أو الصلاة لم يأتي بهم نصاً قطعياً.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته: من علم علماً، أو من أجرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس نخلاً، أو بني مسجد، أو ورث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته”.
والمقصود من الحديث الشريف أن العبد بعد موته يؤجر على بعض الأعمال وهو في قبره وحتى قيام الساعة، ومن هذه الأعمال تعليم العلم وتعريف الناس على أمور دينهم وهديهم إلى الصراط المستقيم، وهذا يوضح مكانة الدعاة المخلصين والعلماء الناصحين للأمة المهمومون بشئون دينهم.
ومن يشق القناة والعيون والأنهار لتصل المياه إلى الناس والحدائق والمزارع والماشية، ومن يحفر الآبار وهو شبيه بمن يشق الأنهار وقال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم “بينما رجل في طريق فاشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل من الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجر؟، فقال في كل ذات كبد رطبة أجر”.
والرابع هو من يغرس النخل لأنه سيد الأشجار وأنفعها وأفضلها والأكثر عائدة على الناس، والخامس من يبني المساجد وهى خير البقاع على الأرض، والسادس من يقوم بطباعة المصاحف وينشرها بين الناس والسابع هو من يقوم بتربية الأولاد ويجعلهم صالحين ينفعون دينهم ودنياهم.