عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى: كذَّبني ابن آدم، ولم يكن له ذلك وشتمني  ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا، وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوًا أحد» [حديث صحيح]

شرح الحديث:
وصف الله تبارك وتعالى الكفار والمشركون بالكذب والشتم له لما جاءوا به من ادعاءات وتهم باطلة في حقه تبارك وتعالى يستنكر الله تبارك وتعالى كيف لخلقه أن يأتوا بهذه التهم والأكاذيب على خالقهم خالق السماوات والأرض وهذه التهم هي:

التهمة الأولى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [التغابن:7] {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس:78] وذلك بأنهم وصفوه بالعجز وعدم القدرة على بدأ الخلق مرة أخرى واستنكروا البعث وإعادة الخلق مرة أخرى وكيف يستنكروه وهو الذي بدء الخلق من العدم فيكيف يستحيل عليه أن يعيده مرة أخرى قال الله تعالى: وقال أيضًا: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الروم:27]، وهذا ما أعتبره الله تكذيب في حقه تبارك وتعالى وتنزه اسمه.

التهمة الثانية: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [البقرة:116]، {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا  تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} [سورة مريم: 88-92]، {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة:30]

وهذه هي الكذبة الثانية التي اتصف بها هؤلاء الكفار والمشركون والتي اعتبرها الله شتم له لما فيها تشبيه صريح لعزته وجلاله بالإنسان فقد وصف الكفار والمشركين رب العزة بأن له صاحبة أي زوجة وهي مريم ابنة عمران ووصفوه بأنه أنجب منها عيسى بن مريم ونسوا أن الله هو الذي قال في حق نفسه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ  لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [سورة الإخلاص: 1-4]، فهو ليس كبقية البشر يتزوج وينجب هو الله تبارك وتعالى خالق الإنسانية وخالق البشرية بكيفية وذات يعلمها هو وحده وليس كمثله شيء {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11] {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35)} [سورة مريم: 35] وبجملة آيات في الكتاب العزيز ومن أصول التوحيد نفي الصاحبة والولد لله ومن خالف ذلك فقد كفر والعياذ بالله.