إن الإنسان دائمًا يبحث عن الأنس والأمان فهما أساسا الراحة و الحياة الهادئة ، و لا يتحقق هذان الاثنان إلا بالثقة في الله الواحد الأحد ، و حسن الظن بالله تعالى هو السبيل الوحيد للراحة و الطمأنينة و السكينة ، فإن الإنسان عندما يثق في أقدار الخالق سبحانه و تعالى و يوكله أمور حياته كبيرها و صغيرها يستطيع أن يحيا مرتاح البال ، فإنه يعلم أن ربه قادر على تدبير أموره وحل مشكلاته ، و قد كان دائمًا حسن الظن بالله أحد أعظم العبادات القلبية ، التي ترفع صاحبها درجات و درجات في القرب من الله سبحانه وتعالى.
معنى حسن الظن بالله
حسن الظن بالله يعني التوقع الحسن لكل ما يقدره الله من أقدار ، فهو توقع كل جميل من الله سبحانه وتعالى و التيقن من وجود حكمة في القدر.
ثمرات حسن الظن بالله
مما لا شك فيه أن المؤمن القوي الذي يلزم حسن الظن بالله يجني العديد من الثمرات لحسن ظنه بالخالق سبحانه وتعالى منها:
– تقوية الإيمان و التمسك بتعاليم الدين و تأكيد مبدأ الربانية والتوحيد لله تعالى الواحد الأحد.
– التمسك بأحكام الشريعة فمن أحسن ظنه بالله أيقن أن شريعته وأحكامه هي أحسن الأحكام ولا يمكنه استبدالها بأي قوانين وضعية أخرى.
– الشعور براحة البال و الطمأنينة و الرضا بالقضاء والقدر والصبر عند الابتلاء.
– التطهر من الغل و الحسد و الحقد ذلك لأن الثقة في الله و أقداره تعني الثقة في عدله.
– التعلق بالله واللجوء إليه والتوكل عليه و كثرة الدعاء له.
– الاجتهاد في فعل صالح الأعمال لحسن ظنه بالله الذي لابد وان يجزيه عن عمله.
– الإحساس الدائم بالأمل والتفاؤل والعودة الدائمة إلى الله.
– إن العبد الذي يحسن الظن بالله يسلم من أذى الأفكار المقلقة والخواطر السلبية.
– حسن الظن بالله هو عبادة في حد ذاته بل هو من أفضل العبادات وما يؤكد ذلك قول أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله (ص) قال: (إن حسن الظن بالله تعالى من حسن العبادة).
أحوال حسن الظن بالله
– إن حسن الظن بالله هو مطلوب في كل الأحوال والأوقات فهو لا يأتي إلا بالخير لصاحبه.
حسن الظن بالله عند الدعاء
– عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: عن الرسول (ص) قال(ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة) رواه الترمذي.
– فعلى المؤمن أن يدعوا الله وهو متيقن من الإجابة بدون شك ولا ريب فالله سبحانه وتعالى وعدنا بالإجابة عندما قال تعالى: ((ادعوني استجب لكم)) صدق الله العظيم.
حسن الظن بالله عند وقوع البلاء
إن البلاء ما هو إلا اختبار لشدة إيمانك ودرجة ترتفع بها للقرب من الله سبحانه وتعالى عليك أخي المسلم الثبوت وقت وقوع البلاء وتوقع كل الخير من الله والثقة به فإن فرجه قريب.
حسن الظن بالله عند التوبة
إن الله لا يمل حتى تملوا، فالله سبحانه وتعالى يغفر الذنوب جميعًا إلا أن يشرك به فباب التوبة دائما مفتوح وعليك العودة إلى الله كلما أذنبت ذنبًا فهو الغفور الرحيم.
حسن الظن بالله عند الموت
عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله (ص) يقول (( لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل)) رواه مسلم.
الفرق بين حسن الظن والغرور
قال ابن القيم رحمه الله: (وقد تبين الفرق بين حسن الظن والغرور، وأنَّ حسن الظن إن حمَل على العمل وحث عليه وساعده وساق إليه فهو صحيح، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي فهو غرور، وحسن الظن هو الرجاء، فمن كان رجاؤه جاذباً له على الطاعة زاجراً له عن المعصية فهو رجاء صحيح، ومن كانت بطالته رجاءً ورجاؤه بطالةً وتفريطاً فهو المغرور). أي أن حسن الظن قائمًا مادام يدعو إلى العمل الصالح وترك المنكرات أما إذا كان للتواكل والبطالة فهو غرور.
قصص عن حسن الظن بالله
كثرت القصص والمأثورات عن حسن الظن بالله ومنها:
– حسن ظن سيدنا موسى بالله عز وجل: فعندما تواجه مؤيدي سيدنا موسى من المؤمنين مع أنصار فرعون وجنوده قد خشوا من هذه المواجهة فنهاهم موسى عن ذلك وقد نجا الله موسى وقومه بحسن ظنه بالله، قال تعالى في سورة الشعراء: (( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ، قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ، فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ، وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ، وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ، ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)).
– حسن ظن سيدنا إبراهيم بالله عز وجل ، فقد ترك سيدنا إبراهيم أهله في صحراء جرداء وأحسن ظنه بالله ودعاه فاستجاب له الله ورزقهم وكانت عاقبة الأمر خيرًا لأمة إبراهيم جميعًا.