{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء:43]
سبب نزول الآية:
(1) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة تحريم الخمر، فذكر الحديث وفيه: فنزلت الآية التي في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} فكان منادي رسول الله صل الله عليه وسلم إذا قامت الصلاة ينادي: ألا يقربن الصلاة سكران.
(2) حدثنا شعبة، أخبرني سماك بن حرب قال: سمعت مصعب بن سعد يحدث عن سعد قال: نزلت في أربع آيات: صنع رجل من الأنصار طعامًا، فدعا ناس من المهاجرين وأناسًا من الأنصار فأكلنا وشربنا حتى سكرنا، ثم افتخرنا فرفع رجل لحى بعير ففزر به أنف سعد -أي ضربه- فكان سعد مفزور الأنف، وذلك قبل أن تحرم الخمر، فنزلت،: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} إلى آخر الآية.
(3) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: صنع لنا عبدالرحمن بن عوف طعامًا، فدعانا وسقانا من الخمر، فأخذت الخمر منا، وحضرت الصلاة فقدموا فلانًا، فقرأ: قل يا أيها الكافرون، ما أعبد ما تعبدون، ونحن نعبد ما تعبدون، قال: فأنزل الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}
الهدي القرآني في الآية:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}: ينهى الله تعالى عباده عن فعل الصلاة في حال السكر، الذي لا يدري معه المصلي ما يقول، وعن قربان محلها وهي المساجد للجنب إلا أن يكون مجتازًا من باب إلى باب من غير مكث وقد كان هذا قبل تحريم الخمر بدليل عندما نزلت الآية من سورة البقرة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [سورة البقرة: 219]
فإن رسول الله صل الله عليه وسلم تلاها على عمر، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فلما نزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} تلاها عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فكانوا لا يشربون الخمر في أوقات الصلوات فلما نزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [سورة المائدة: 90-91]، فقال عمر: انتهينا انتهينا.