الحضارة الأندلسية هي من أكبر و أعظم الحضارات التي كانت في تاريخ الإسلام والدولة الإسلامية حيث امتدت على مدى طويل بلغ الثمانية قرون كامله كانت فيها الأندلس مشعلاً من مشاعل النور والعلم و الحضارة والثقافة والفنون حتى وصل بها الفكر والحضارة إلى أن أصبحت المقصد الأساسي لطالبي العلم حتى من الأوربيين أنفسهم في وقت كانت أوروبا تحيا فيا عصرها المظلم حتى التدني والتخلف والمرض والجهل هو المسيطر على كل مناحي الحياة بينما كانت الأندلس تقدم العلم والتقدم في كل المناحي الإنسانية حيث كان التقدم في الفنون بأنواعها مثل الموسيقى والعلوم الإنسانية كعلوم الفيزياء وعلوم الأحياء والفلك والطب وعلوم الهندسة المعمارية والتشييد ولعل ما بقى من أثار الحضارة الإسلامية حتى الآن في أسبانيا لخير دليل على ذلك حيث القصور والمباني والمساجد الإسلامية من أيام الحضارة الأندلسية ولكن مرت الأندلس كغيرها من الحضارات بمراحل من القوة والازدهار إلى الضعف والتفكك ثم الدمار ثم الاندثار ففي تاريخ الأمة الإسلامية العديد من هذه اللحظات والحوادث إلا أن أكثرها ألماً ظل سقوط الأندلس حتى أن بعض المؤرخين يعتبرون سقوط الأندلس كان أول مراحل الضعف والتمكن من الأمة الإسلامية وكبداية لإعلان الحرب عليها من جانب أعدائها حيث كان ينظر الأوربيين إلى الأندلس وحضارتها الإسلامية بكثير من الحقد والألم حتى انهم ظلوا طوال ثمانية قرون كاملة ينتظرون الفرصة للنيل من الأندلس ومن المسلمين بها والقضاء عليهم إلى أن تمكنوه من ذلك في النهاية بالفعل بعد أن بدأت الخلافات تشق صفوف المسلمين في الأندلس وتفرق كلمتهم .
بداية السقوط :- كان تأسيس دولة بني الأحمر في الأندلس هي من أخر محطات السقوط الأخير للأندلس الإسلامية حيث أخذ في التعاقب على حكم الأندلس العديد من الملوك والأمراء من بنى الأحمر حيث سادت بينهم الخلافات والصراعات وتفشت فيهم الأطماع الدنيوية والتي وصلت إلى حد التحالف مع أعداء الأمة الأندلسية والمسلمين ضد المسلمين حتى ساد الضعف والوهن في جسد الدولة الإسلامية في الأندلس وتمكن بالفعل الأعداء المتربصين من النيل منها والقضاء عليها وعلى تاريخها الإسلامي المشرف وبالفعل تمكن فرناندو الثاني في عام 1492م من إسقاط الدولة الإسلامية في الأندلس والاستيلاء على أخر معقل للمسلمين بها وهى مدينة غرناطة وبدأت أوروبا الصليبية وقتها في صب نيران حقدها على من تبقى من المسلمين بالأندلس وقتلهم وحرقهم والتنكيل بهم و تعذيبهم بل وصل الأمر إلى اختراع ألات جديدة للتعذيب من أجل القضاء على ما تبقى بها من الإسلام مما دفع بالكثيرين إلى الهروب إلى المغرب والى الجبال وبدأ هدم المساجد الإسلامية و أي شيء يدل أو يكون شاهدا على حضارة المسلمين بالأندلس ولعل ابرز دليل على ذلك كان محاكم التفتيش التي شكلت فيما بعد سقوط الأندلس للقضاء على ما تبقى من المسلمين بها ولذلك يعتبرها المؤرخون أنها أولى الحملات الصليبية التي وجهت ضد الإسلام والمسلمين نظرا لما ارتكبته من فظائع وتدمير وتنكيل للمسلمين في الأندلس .
أسباب سقوط الأندلس :- كانت قد تضافرت العديد من العوامل المؤدية إلى سقوط الأندلس حيث أن تلك العوامل هي من جعلت وساهمت بشكل مباشر في السقوط للدولة الإسلامية بالأندلس حيث تمكنت من جعلها ضعيفة عاجزة غير قادرة عن الدفاع عن نفسها ضد أعدائها الأوربيين المتعصبين رغم ما تمتلكه من عوامل التقدم والرقي .
الابتعاد عن أوامر الله وتعاليم الدين الإسلامي :- حيث ساد الابتعاد عن العبادة وساد انتشار المحرمات كالخمور والنساء ، المعازف والرقص والغناء وحب الدنيا ومتاعها حتى أصبحت المحرمات ، المنكرات من الأمور العادية اليومية و أصبح من العادي القيام بها ، ذلك دون رقيب أو مانع حتى ساد الفساد والضلال والانحلال وتمكن من النفوس مما كان له اكبر الأثر على تقويض دعائم المجتمع مما سهل بشكل كبير على سقوطه وضياعه فيما بعد .
تقاعس رجال الدين عن أداء دورهم الديني :- من المعروف أن لرجال الدين دورا كبيرا في حث المسلمين على الاقتراب من الله والبعد عن المنكرات والمحرمات والدعوة إلى المعروف والنهى عن المنكر بل في توجيه النصيحة للحاكم وهذا ما لم يحدث حيث أنشغل رجال الدين بما انشغل به حكامهم من صراعات و دسائس وتركوه دورهم في حث المسلمين على الجهاد في سبيل الله والدفاع عن دينهم و أعراضهم و أموالهم ووطنهم فكان السقوط و الضياع .