حديث رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة يروى لنا رسول الله من خلاله أحداث وأهوال القيامة والنار، ويؤكد على رؤية المؤمنين لربهم رؤية واضحة لا شك فيها مثل رؤية الشمس والقمر وهو رد على من يشكك في رؤية المؤمنين لله تعالى، كما يوضح الحديث رحمة الله تعالى ومغفرته لعباده حتى أن من كان في قلبه مثقال ذرة للإيمان يدخل بها الجنة برحمته وعفوه لا بعمل ابن آدم.
حديث رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة :
عن أبي سعيد الخدري قال : قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : « هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوًا ؟ « قلنا : لا، قال : « فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما » ثم قال : « ينادي مناد : ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم وأصحاب الأوثان مع أوثانهم وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم حتى يبقى من كان يعبد الله من برٍ أو فاجر وغُبرات من أهل الكتاب ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب فيقال لليهود : ما كنتم تعبدون ؟، قالوا : كنا نعبد عزيراً ابن الله ، فيقال كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد فما تريدون ؟ قالوا : نريد أن تسقينا، فيقال : اشربوا فيتساقطون في جهنم، ثم يقال : للنصارى ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال : كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون ؟ فيقولون : نريد أن تسقينا فيقال : اشربوا فيتساقطون حتى يبقى من كان يعبد الله من برٌ أو فاجر فيقال لهم : ما يحبسكم وقد ذهب الناس فيقولون : فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم، وإنا سمعنا مناديً ينادي ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، وإنما ننتظر ربنا قال : فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول : أنا ربكم فيقولون : أنت ربنا فلا يكلمه إلا أنبياء فيقول : هل بينكم وبينه آية تعرفونه ؟ فيقولون : الساق فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن، ويبقى من كان يسجد لله رياءً وسمعة فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم »، قلنا يا رسول الله وما الجسر ؟ قال « مدحضة مزلة عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء تكون بنجد يقال لها : السعدان، المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب فناجٍ مسلم وناجٍ مخدوش ومكدوس في نار جهنم حتى يمر آخرهم يسحب سحبا فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمن يومئذٍ للجبار، وإذا رأوا أنهم قد نجوا في إخوانهم يقولون : ربنا إخواننا الذين كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويعملون معنا فيقول الله تعالى : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه ويحرم الله صورهم على النار فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه وإلى أنصاف ساقيه فيخرجون من عرفوا ثم يعودون فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه فيخرجون من عرفوا ثم يعودون، فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه فيخرجون من عرفوا » قال أبو سعيد فإن لم تصدقوني فاقرءوا {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} « فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار بقيت شفاعتي فيقبض قبضته من النار فيخرج أقوامًا قد امتحشوا فيلقون في نهر بأفواه الجنة يقال له ماء الحياة فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل قد رأيتموها إلى جانب الصخرة وغلى جانب الشجرة فما كان إلى الشمس منها كان أخضر، وما كان منها إلى الظل كان أبيض، فيخرجون كأنهم اللؤلؤ فيجعل في رقابهم الخواتيم فيدخلون الجنة فيقول أهل الجنة : هؤلاء عتقاء الرحمن أدخلهم الجنة بغير عملٍ عملوه ولا خير قدموه فيقال لهم لكم ما رأيتم ومثله معه » [حديث صحيح ].
في ضوء الحديث :
في هذا الحديث يبشر الرسول صل الله عليه وسلم المؤمنون بأنهم سوف يرون الله عز وجل يوم القيامة رؤية واضحة العين كرؤية الشمس والقمر، وهذا الحديث حديث صحيح أخرجه مسلم وفيه رد على شبهة إنكار رؤية الله عز وجل يوم القيامة، وهو أحد الأحاديث النبوية التي تخبرنا عن أهوال يوم القيامة وأحوال العباد على الصراط، ودخول الجنة، ودخول النار ثم يأتي الحديث في نوع من البشرى للمسلمين بأن رحمة رب العزة واسعة تسع كل شيئ، فلن يبقى في النار من كان في قلبه ذرة واحدة من الإيمان، ثم تأتي شفاعة النبيون والملائكة والمؤمنون في أهل النار، ثم تأتي شفاعة رب العزة والتي لا تضاهيها شفاعة حين يقبض قبضته من النار فيخرج أقوامًا منها، مما يدل على رحمته بعباده.