حضر رسول الله صل الله عليه وسلم جنازة رجل من الأنصار فلما فرغ الصحابة من دفنه، جلس رسول الله ومعه الصحابة كأن على رؤوسهم الطير وهو تعبير يدل على شدة ترقبهم لما سوف يلقيه عليهم رسول الله وقد رأوا أن الرسول يفكر في أمر عظيم، حتى قال لهم: استعيذوا من عذاب القبر، فاستعاذوا من عذاب القبر، وبدأ يسرد لهم تفاصيل خروج الروح الطيبة من جسد المسلم المؤمن، والنعيم الذي يلقاه في القبر، والاستقبال الذي يستقبله له أهل السماء حتى أن الرجل يتمنى قيام الساعة ليرى أهله ما فيه من النعيم، وهو بيان لحال المؤمن بعد وفاته وخروج روحه.
الحديث:
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية قال: ثنا الأعمش عن منهال بن عمرو عن راذان عن البراء بن عازب، قال: خرجنا مع النبي صل الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يُلحد، فجلس رسول الله صل الله عليه وسلم، وجلسنا حوله، وكأن على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكتُ في الأرض، فرفع رأسه فقال: «استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثًا» ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجئ ملك الموت عليه السلام، حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان» قال: «فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض» قال: «فيصعدون بها فلا يمرون يعني بها على ملأ من الملائكة، إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلانٌ ابن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح لهم فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي به إلى السماء السابعة فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارةً أخرى» قال: «فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسان فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله صل الله عليه وعلى آله وسلم، فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به، وصدقت فينادي منادٍ في السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابًا إلى الجنة، قال: فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد البصر، قال: ويأتيه رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح فيقول: أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت فوجهك الوجه يجيء بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح فيقول: رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي».
مرادفات جاءت بالحديث:
– الحنوط: طيب يخلط للميت خاصة.
– ملك الموت: لم نقف على دليل صحيح يفيد أن ملك الموت اسمه عزرائيل.
– كأن على رؤوسهم الطير: من شدة ترقبهم وانتظارهم لكلام النبي صل الله عليه وسلم.