روي في البخاري عن قتادة أن أنس بن مالك رضي الله عنه حدثهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدًا وأبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم، فقال: «اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان».
شرح الحديث:
صعد رسول الله صل الله عليه وسلم إلى جبل أحد ورافقه في هذا الصعود ثلاثة هم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب الفاروق وعثمان بن عفان ذو النوريين وهو ما لم يتحمله الجبل فرحًا من هذا المقام العالي الذي تشرف به من هذه الصحبة الكريمة فما كان من رسول الله إلا أن هدأه وأمره بالثبات وأخبر جبل أحد أنه يحمل نبي وهو الرسول صل الله عليه وسلم وصديق وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه وشهيدان وهما عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وهو ما تحقق بعد ذلك فمات كل منهما شهيدًا مقتولًا فأما عمر طعنه أبو لؤلؤة المجوسي في صلاة الفجر واستشهد على أثر الطعنة وأما عثمان ن عفان فقتل وهو يقرأ القرآن في بيته على يد مجموعة من الخوارج.
قال القسطلاني في مؤلفته إرشاد الساري: الشهيدان هما عمر وعثمان، قال بن المنير: قيل الحكمة في ذلك: أنه لما أرجف أراد النبي صل الله عليه وسلم أن يبين أن هذه الرجفة ليست من جنس رجفة الجبل بقوم موسى عليه السلام لما حرفوا الكلم، وأن تلك رجفة الغضب، وهذه هزة الطرب، ولهذا نص على مقام النبوة والصديقية والشهادة التي توجب سرور ما اتصلت به لا رجفانه، فأقر الجبل بذلك فاستقر.
فضل جبل أحد:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خرجت مع رسول الله صل الله عليه وسلم إلى خيبر أخدمه، فلما قدم النبي راجعًا وبدا له أحد قال: «هذا جبل يحبنا ونحبه».
عن علي رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم أمر ابن مسعود فصعد على شجرة أمره أن يأتي منها بشيء فنظر أصحابه إلى ساق عبدالله بن مسعود حين صعد الشجرة فضحكوا من حُمُوشة ساقيه، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم: «ما تضحكون؟ لرجل عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد».
المستفاد من الحديث:
– تأكيد الرسول صل الله عليه وسلم على أن أبو بكر ابن قحافة هو الصديق الذي رافقه طوال مسيرة دعوته ولم يكذبه أبدًا، وهو شرف عظيم لم يحصل عليه سوى الصديق رضي الله عنه وأرضاه.
– بشر الرسول صل الله عليه وسلم كلا من عمر وعثمان بالشهادة وهو من الإخبار بالغيب وهو دليل قوي على أن الرسول لم ينطق عن الهوى بل هو وحي يوحى كما أخبرنا القرآن الكريم.
– كانت الأشجار والدواب حتى الجماد تحن وتهتز فرحًا لرؤية رسول الله صل الله عليه وسلم مثل حنين الجزع لمفارقته الرسول.