قصة فتنة عابد، هي قصة وعبرة للحسن البصري عن عابد زاهد في الدنيا أصابته فتنة جعلته من أهل النار، على الرغم من عبادته وزهده وتقربه إلى الله، لكن ذلك لم يمنعه من المعصية، وقد وردت هذه القصة في كتاب ألف قصة وقصة من قصص الصالحين ونوادر الزاهدين.
قصة فتنة عابد:
قال بعضهم: كنت جالسًا عند الحسن البصري رحمه الله، فمر بنا قوم يجرون قتيلًا، فلما رآه الحسن وقع مغشيًا عليه، فلما أفاق من غشيته سألته عن أمره، فقال: إن هذا الرجل كان من أفضل العباد وكبار السادات الزهاد، فقلت له: يا أبا سعید أخبرنا بخبره وأطلعنا على أمره.
قال: إن هذا الشيخ خرج من بيته يريد المسجد ليصلي فيه فرأى في طريقه جارية نصرانية فافتتن بها فامتنعت عنه، فقالت له : لا أتزوجك حتى تدخل في ديني!…، فلما طالت المدة وزاد به الأمر جذبته شقوته فأجاب إلى ذلك وبريء من دين الحنيفية فلما صار نصرانيا وكان منه ما كان خرجت المرأة من خلف الستر، وقالت: يا هذا لا خير فيك ، خرجت من دينك الذي صحبته عمرك من أجل شهوة لا قدر لها، لكن أنا أترك دين النصرانية طلبًا لنعيم لا يفني عني طول الأبد في جوار الواحد الصمد.
ثم قرأت: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [سورة الإخلاص: 1-4]، فتعجب الناس من أمرها، وقالوا لها: كنت تحفظين هذه السورة قبل هذا؟ ، قالت : لا والله ما عرفتها قط، ولكن الرجل لما ألح على رأيت في النوم كأني دخلت النار فعرض علي مکاني منها فارتعبت وخفت خوفًا شديدًا، فقال لي مالك: لا تخافي ولا تحزني؛ فقد فداك الله بهذا الرجل منها ثم أخذ بيدي وأدخلني الجنة، فوجدت فيها سطرًا مكتوبا فقرأته فوجدت فيه : {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [سورة الرعد: 39]، ثم أقرأني سورة الإخلاص فأقبلت أرددها ثم انتبهت وأنا أحفظها، قال الحسن: فأسلمت المرأة ، وقتل الشيخ على ردته، نسأل الله الثبات والعافية.
الحسن البصري:
الحسن بن يسار البصري وكنيته أبو سعيد، [642 – 728]، كانت أمه جارية ام سلمة زوج رسول الله صل الله عليه وسلم، ودعا له الخليفة عمر بن الخطاب فقال: “اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس”، نشأ الحسن البصري وتعلم وتربى بين كبار الصحابة، قال الإمام الغزالي عنه: “كان الحسن البصري أشبه الناس كلاما بكلام الأنبياء، وأقربهم، هديا من الصحابة، وكان غايةً في الفصاحة، تتصبب الحكمة من فيه “.
كان كثير الحزن ولما سأل عن سبب طول حزنه قال: ” يحق لمن يعلم أن الموت مورده، وأن الساعة موعده، وأن القيام بين يدي الله تعالى مشهده، أن يطول حزنه”. توفى في الأول من رجب سنة 110 ه ودفن بالبصرة.