ثعلبة بن عبد الرحمن : هو ثعلبة بن عبد الرحمن الأنصاري فتى من الانصار أسلم وكان لا يزيد عمره عن ستة عشر عام، وكان يعمل على خدمة الرسول.
قصة ثعلبة بن عبد الرحمن الانصاري
ذنب ثعلبة بن عبد الرحمن
كان ثعلبة فتى أنصاري يخدم الرسول صلى اللّه عليه وسلم، وعندما أمره الرسول في حاجة ما فمر على منزل أحد من رجال الأنصار وكان بابه مفتوحا فنظر من الباب فرأى امرأة من الأنصاري وهي تغتسل وأطال النظر اليها، ثم اخذ يؤنب في نفسه وخاف من أن ينزل فيه آية من آيات القرآن الكريم أو أن ينزل الوحي على الرسول يخبره بما فعله، فلم يستطع أن يعود إلى الرسول ولم يستطع أن يعود إلى منزله فخرج هارباً وذهب إلى جبالا بين مكة المكرمة والمدينة لمدة أربعين يوم .
هروب ثعلبة بن عبد الرحمن
وعندما طال غيابه سأل عنه الرسل عليه الصلاة والسلام وعندا بحث عنه الصحابة لم يجدوه في أي مكان في المدينة، إلى أن نزل جبريل عليه السلام إلى رسول الله وقال به : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول : إن الهارب من أمتك بين هذه الجبال يتعوذ بي من ناري، فعرف الرسول أنه يقصد ثعلبه عبد الرحمن فأمر كل من عر بن الخطاب وسليمان أن يخرجا إلى انقاب المدينة ويأتيان بثعلبة.
فخرجا في أنقاب المدينة فالتقى براعي من رعاة المدينة يقال عنه ذفافة فقال له سيدنا عمر بن الخطاب : (يا ذفافة هل لك علم بشاب بين هذه الجبال يقال له ثعلبة بن عبدالرحمن)، فقال له ذفافة : (لعلك تريد الهارب من جهنم) ، فقال له عمر : (وما علمك أنه هارب من جهنم)، فقال له : (لأنه إذا كان جوف الليل خرج علينا من هذه الجبال واضعاً يده على رأسه وهو ينادي يا ليتك قبضت روحي في الأرواح، وجسدي في الأجساد لم تجردني لفصل القضاء)، فانتظره سيدنا عمر وسليمان حتى منتصف الليل.
خرج عليهم ثعلبة من بين الجبلين في منتصف الليل واضعاً يده على رأسه وأخذ يقول : يا ليتك قبضت روحي في الأرواح وجسدي في الأجساد لم تجردني لفصل القضاء)، فذهب إليه عمر واحتضنه فشعر ثعلبه فالفزع، فعرفه بنفسه وأنه هو عمر بن الخطاب، فقال له : (يا عمر هل علم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بذنبي؟)، فقال له أنه لا يعلم ولكن الرسول أرسله هو وسليمان ليأتي إليه به.
توبة ثعلبة بن عبد الرحمن
ذهب معهما ثعلبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو يشعر بالذنب والخجل وكان الرسول في السجد، فطلب من عمر بن الخطاب ألا يدخل إلى الرسول إلا وهو يصلي، وعندما سمع ثعلبة قراءة الرسول عليه الصلاة والسلام فقد وعيه وسقط على الارض، فذهب النبي إليه فاستيقظ فقال : (يا ثعلبة ما غيبك عني)، فقال : (ذنبي يَا رَسُولَ اللّه)، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام له : (أفلا أدلك على آية تمحوا الذنوب والخطايا)، فقال له ثعلبة : ( بلى يا رسول اللّه)، قال : ” رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ “، فقال : (ذنبي أعظم يا رسول اللّه) ، فقال الرسول : (بل كلام اللّه أعظم)، ثم أمره الرسول بالانصراف .
ذهب ثعلبة إلى منزله وظل حزينا يشعر بالذنب ومرض لمدة ثمانية أيام، ثم أتى إن سلمان إلى الرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال له : (يا رسول اللّه هل لك في ثعلبة فإنه ألم به)، فذهب إليه الرسول عليه الصلاة والسلام ووضع رأسه على فخذه الكريمة فابتعد ثعلبه فسأله الرسول عن سبب بعده، فأخبره ثعلبه أن هذه الرأس مليئة بالذنوب ولا يجوز أن تقترب من هذا الجسد الطاهر.
موت ثعلبة بن عبد الرحمن
قال له الرسول ما هي شكوته ، فقال له ثعلبة : (أجد مثل دبيب النمل بين عظمي ولحمي وجلدي )، فسأله الرسول عن ما الذي يريده، فقال له أنه يطلب المغفرة فقط، فنزل جبريل إلى الرسول وقال له : (يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول : لك لو أن عبدي هذا لقيني بقراب الأرض خطيئة لقيته بقرابها مغفرة)، فأخبره الرسول بذلك ثم توفى ثعلبة بعد ذلك وأمر الرسول بغسله وتكفينه وعند الدفن كان يمشي الرسول على أطراف أنامله فلما دفنه قيل له : (يا رسول اللّه رأيناك تمشي على أطراف أناملك)، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (والذي بعثني بالحق ما قدرت أن أضع قدمي على الأرض من كثرة أجنحة من نزل من الملائكة لتشيعه) .