يجب أن ننتبه لأهمية اختيار القدوة المناسبة للطّفل عن طريق اختيار القصة الهادفة. لأن الطفل يقلد من حوله ويتأثر بهم، وحتى الشخصيات الكرتونية التي يتابعها، وكما يعلمم الجميع يحب الأطفال الاستماع أو قراءة القصص المشوقة حتى يدخل من خلالها الى عالم الخيال، لذلك يجب علينا الاهتمام بالقصة التي يقرأها أو تسرد عليه،
قصة ملك الغابة والفأر الصغير
يحكى أن الأسد ملك الغابة وأقوى سكانها كان نائماً ذات يوم، فوجد فأر صغير كان يعيش في نفس الغابة يركض حوله ويقفز فوقه ويصدر أصوات مزعجة، فاستيقظ الأسد غاضباً، فوضع يده الضخمة فوق الفأر وزئر وفتح فمه حتى يبتلع الفأر الصغير.
فصاح الفأر وهو يرتجف من الخوف مترجياَ الأسد أن يعفوعنه،قائلاً: سامحني هذه المرة، فقط هذه المرة يا ملك الغابة، وأعدك لن أعيد ما فعلته مرة أخرى، ولن أنسى معروفك معي، ثم يا أيها الأسد اللطيف، من يعلم؟ فربما أستطيع يوماً ما أن أرد هذا الجميل.
ضحك الأسد من كلام الفأر، وضحك متسائلاً: أي معروف الذي يمكن لفأر صغير مثلك أن يقدمه لأسد عظيم مثلي؟ وكيف ستساعدني وأنا الأسد ملك الغابة وأنت الفأر الصغير الضعيف؟ ثم قرر الأسد إطلاق سراح الفأر لأنه قال كلام أضحكه، ثم رفع قبضته عن الفأر وتركه يمشي في طريقه.
مرت الأيام حتى استطاع بعض الصيادين أن يمسكوا بالأسد في الغابة وربطوه في جذع شجرة، ثم ذهبوا لاحضار سيارة حتى ينقلوا الأسد فيها إلى حديقة الحيوانات، وأثناء غيابهم مر الفأر الصغير بالصدفة عند الشجرة المربوط بها الأسد، فشاهده في مأزق لا يحسد عليه، فقام الفأر الصغير بقضم الحبال المربوطة حول الأسد لأَسره، حتى قطع جميع الحبال وحرر الأسد.
ثم مشى الفأر بعدها بكل فخر وهو يقول بكل سعادة: بالفعل كنت محق، لقد استطاع فأر صغير مساعدة ملك الغابة، فلا يقاس المرء بحجمه، بل بفعله، ويوماً ما كل شخص سيحتاج مساعدة الآخرين، حتى لو كان أقوى منهم.
قصة السمكات الثلاث
في إحدى البحيرات كانت هناك سمكة كبيرة ومعها ثلاث سمكات صغيرات، نظرت واحدة منهم من تحت الماء، وصعدت برأسها قليلاً على وجه الماء فرأتها واحدة من الطيور المحلقة فوق الماء فخطفتها ثم ابتلعتها، وتبقى سمكتين فقالت إحداهما: أين نذهب؟ فقالت الأخرى: ليس أمامنا إلا الغوص إلى قاع البحيرة، وفي الطريق إلى القاع وجدوا أسراب من السمك الكبير المفترس، فأسرعت سمكة كبيرة إلى إحدى السمكتين الصغيرتين وقامت بابتلاعها، ففرت السمكة الأخرى
وهي تشعر أن الخطر يهددها في أعلى البحيرة من الطيور وفي أسفلها السمك الكبير بأكل السمك الصغير فأين تذهب؟ ولا تستطيع الحياة إلا في الماء، فأسرعت إلى أمها وهي خائفة مذعورة وقالت لها: ماذا أفعل يا أمي ؟ إذا صعدت اختطفني الطير، وإذا غصت ابتلعني السمك الكبير، فقالت الأم: يا ابنتي إذا أردت نصيحتي فإن خير الأمور الوسط.
قصة جحا والحمار
يحكى أن جحا كان متجهاً إلى السوق وكان يركب حماراً صغير الحجم، ومعه ابنه يسير إلى جانبه وممسكاً بلجام الحمار ويتبادل الحديث مع أبيه.
وبعد فترة مروا على مجموعة من الناس يقفون على الطّريق، وعندما رأوهم قاموا بإلقاء اللوم على جحا لأنه يركب على الحمار ويترك ابنه الصغير يسير على قدميه، ففكر جحا في كلام الناس له فاقتنع بصواب رأيهم، فنزل عن حماره وجعل ابنه يركب مكانه فوق الحمار، ثم أمسك جحا اللجام ومشوا في طريقهم إلى السوق.
بعد وقت قليل وجد جحا وابنه مجموعة من النساء يقفن بجوار بئر موازي لطريق السوق، فأبدت النسوة تعجبهم واندهاشهم لما رأوه من جحا فاقتربوا منه وقالوا له: عجباً لأمرك أيها الرجل، كيف تمشي كل هذا الطريق وأنت الكبير وتترك الفتى الصغير يركب الحمار؟، فاقتنع جحا برأيهم فركب خلف ابنه فوق الحمار، ثم مشوا في طريقهم وكلاهما فوق ظهر الحمار.
بدأت الشمس تحتد وبدأ الحمار يمشي بصعوبة وبطئ بسبب شدة الحر، وثقل الوزن على ضهره، بسبب وجود جحا وابنه على ظهره، وأخيراً وصلوا عند باب السوق فوجدوا بعض الناس مجتمعين، وبدأو بتوجيه اللوم على جحا وابنه قائلين: ألا تشفقان على هذا الحمار المسكين! تركبوه معاً في مثل هذا الحر ولم تلاحظوا أنه يمشي ببطئ ويواجه صعوبة في الحركة! فنزل جحا وابنه عن الحمار، وأكملوا الطريق مشياً على الأقدام.
دخلوا إلى السوق فرأى التجار والزبائن أن جحا وابنه يسيران على أقدامهم وبجوارهم الحمار، فاستغربوا من جحا وقاموا بلومه على فعله الأحمق قائلين: أتمشي على أقدامك في هذا الحر، وتترك ابنك يشعر بالتعب والعناء، بينما الحمار يسير مرتاح بلا حمل! و سخر أحدهم من جحا فقال له: لم يبقى سوى أن تحمل الحمار على ظهرك وتسير به في السوق! فضحك الجميع على جحا، فتركهم ومشى وهو يقول لنفسه: إرضاء الناس غاية لا تدرك.