بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد . . نتحدث إليكم في موضوعنا هذا حول قصة يهود بني النضير ونقضهم للعهد .

عندما هاجر رسولنا الكريم (صلى الله صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة المنورة ، كانت بالمدينة كلا من الأنصار من الأوس والخزرج ، وكانوا حينذاك في جاهليتهم يعبدون الأصنام ، وذلك بطريقة مشركي العرب ، حيث كان بها اليهود من أهل الكتاب من على طريقة أسلافهم ، وكانوا من ثلاثة قبائل ، هما : بني النضير ، بنو قينقاع ، وبنوقريظة حلفاء الأوس . وقد عامل رسولنا الكريم كل طائفة من هذه الطوائف كما أمره الله ، فقام بمصالحة يهود المدينة ، وكتب بينه وبينهم عهداً بكتاب . وحارب قبيلة بنو قينقاع بعد معركة بدر ، فهم من أظهروا الحسد والبغي ثم نقضوا عهد بنو النضير بعد ذلك بنحو ستة أشهر ثم نقضت قبيلة بنو قريظة للعهد عندما خرجوا الى غزوة الخندق ، وكانوا أشد من اليهود عداوة للإسلام ولنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم .

معلومات عن بنو النضير
ساءت العلاقات مابين بنو النضير و بين المسلمين ، وذلك عقب غزوة أحد حيث كان رسول الله محم قد أوفد بأربعين رجلاً من الأنصار بهدف نشر الإسلام فى هضبة نجد ، إلا أنهم قتلوهم جميعاً عدا واحداً قام بقتل رجلين من بنى عامر وذلك إنتقاماً لزملائه . فغضب نبي الله محمد وذهب للتفاوض مع بنى النضير فى دفع الجزية ، و أثناء تلك المفاوضات قام رجلان من بنى النضير بإلقاء حجر ضخم من أعلى فوق رسولنا الكريم ، فأخبر الله رسوله محمد بمغادرة المكان فوراً واتباع أصحابه وبذلك نجا نبينا محمد (ص) . ثم بعث نبينا محمد (ص) إلى محمد بن مسلمة من أجل إجلاء اليهود عن المدينة وبدءوا بتجهيز أمتعتهم ، إلا أن أحد المنافقين (عبد الله بن أبى) منعهم من الرحيل فقاتلهم الرسول عشرين ليلة و أحرق نخيلهم ، حتى أثنى عزيمتهم عن القتال وأجبرهم في النهاية على الرحيل من المدينة .

معلومات عن بنو قريظة
عندما وقعت معركة الخندق ، عزم نبينا محمد (ص) على طرد بنى قريظة بسبب نقضهم للعهد ، فعمل على محاصرتهم قرابة خمسة و عشرين يوماً ثم طلب من سعد بن معاز بأن يحكم بينه وبينهم ، فأمر سعد بن معاذ بقتل رجالهم الذي بلغ عددهم إلى سبعمائة ، إلا أنه سبى نسائهم وأطفالهم و قسمت ممتلكاتهم على المسلمين .

قصة يهود بني النضير ونقضهم للعهد
عندما هاجر رسولنا الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) من مكة إلى المدينة ، كان بالمدينة ثلاث قبائل من اليهود : بنو قينقاع ، وبنو النضير ، وبنو قريظة ، فدعاهم إلى الإسلام ، إلا أنهم رفضوا ، فكتب بينه وبينهم كتابا (عهداً للإلتزام به) ، حتى انهم نقضوا العهد وحاربوه ، قال ابن القيم رحمه الله :
” وَحَارَبَهُ الثَّلَاثَةُ ، فَمَنَّ عَلَى بَنِي قَيْنُقَاعَ ، وَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ ، وَقَتَلَ بَنِي قُرَيْظَةَ ، وَسَبَى ذُرِّيَّتَهُمْ ، وَنَزَلَتْ (سُورَةُ الْحَشْرِ) فِي بَنِي النَّضِيرِ ، وَ (سُورَةُ الْأَحْزَابِ) فِي بَنِي قُرَيْظَةَ ” . “زاد المعاد” (3/ 59)

وعندما أتى نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودِ إلى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَإِنَّ قَوْمِي لَمْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي ، فَمُرْنِي بِمَا شِئْتَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّمَا أَنْتَ فِينَا رَجُلٌ وَاحِدٌ فَخَذِّلْ عَنَّا إِنِ اسْتَطَعْتَ ، فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ) .

فخذل الله بينهم ، وبعث الله للريح في ليلة شديدة البرد وشاتية ، مما جعلهم يفكأوا قدورهم ويطرحوا أبنيتهم .
ونزل قول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) إلى قوله تعالى :
( وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا * وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ) سورة الأحزاب / 9 – 27

و روى البخاري (4114) ومسلم (2724) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: (لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ ، أَعَزَّ جُنْدَهُ ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ ، وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ ، فَلاَ شَيْءَ بَعْدَهُ)

وعندما عاد رسولنا الكريم مِنَ الخَنْدَقِ ، ووضع السلاح واغتسل ، اتاه سيدنا جبريل عليه السلام – كما رواه البخاري (4117) ، فَقَالَ: ” قَدْ وَضَعْتَ السِّلاَحَ؟ وَاللَّهِ مَا وَضَعْنَاهُ ، فَاخْرُجْ إِلَيْهِمْ قَالَ: فَإِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: هَا هُنَا ، وَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ وحاصرهم بِكَتَائِبِ الْمُسْلِمِينَ لبِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ، وَقَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ، وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْحِصَارُ ، حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، وَكَانُوا حُلَفَاءَهُ ، فَحَكَمَ فِيهِمْ بحكم الله : أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ .

والله تعالى أعلم .