يتوجب على كل فرد مسلم أن يتفهم تفضيل المولى جل شأنه للرجل على المرأة في بعض الأمور ، و في نفس الوقت أن يتفهم تفضيل المرأة على الرجل في بعض الأمور إذ لا تعني الأية القرآنية الكريمة في قوله تعالى ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) صدق الله العظيم أن الأية تبرز تفضيل الرجل على المرأة كما هو شائع لدى البعض ، و لكنها تبرز أن تفضيل الرجل على المرأة يكون في الإنفاق .

معنى القوامة :- لما منح المولى عز وجل الرجل ما منحه من عقل أكمل من عقل المرأة ، و بالتالي ترتب على هذا منحه علماً أكثر من علمها ، و ذلك يكون في الغالب علاوة على بعد نظره سواء في مبادئ الأمور أو نهاياتها عن المرأة ، و لذلك فإنه من المناسب أن يكون هو صاحب القوامة عليها .

و القوامة معناها هو (القيام على الشيء رعاية ، و حماية ، و إصلاحاً) ، و قد جاء ذكر المولى جل شأنه لهذه القوامة في أياته الكريمة لسببان ، و هما :-
السبب الأول :- و القائم على الوهبة أو المنحة من المولى عز وجل للرجل .
السبب الثاني :- و هو الكسب أي المال ، و الذي يأتي من خلال سعي الرجل ، و عمله.

فبالنسبة للسبب الأول فهو ما قد أشار إليه قول الله تعالى في الأية الكريمة (بما فضل الله بعضهم على بعض) صدق الله العظيم أي بتفضيل الرجال على النساء ، و ذلك راجعاً إلى كون الله عز وجل قد جعل منهم الأنبياء ، و الخلفاء ، و الغزاة ، والعلماء ، و السلاطين.

علاوة إلى زيادة نصيبهم من الميراث بل ، و جعل الطلاق في أيديهم ، و الانتساب إليهم ، و ما إلى غير ذلك من أمور قد فضل الله تعالى الرجال فيها على النساء .

أما بالنسبة للسبب الثاني في جعل القوامة للرجل على المرأة ، و ما إلى غير ذلك من أمور تتعلق بهذه المسائلة مما لم تكن المرأة ملزمة به ، و قد أشير إلى هذا السبب في قوله تعالى (وبما أنفقوا من أموالهم) .

و لذلك السبب فإنه عند تخلي الرجل عن ميزته ، و التي قد منحها المولى عز وجل إليه ، و هي الإنفاق على زوجته فإن ذلك يترتب عليه سلب حق القوامة عليها منه بل ، و يعطيها الحق في القيام بفسخ النكاح بالوسائل المشروعة ، و هذا هو المقصود من الأية الكريمة من ناحية الإنفاق المالي للزوج على زوجته .

أي أن التفضيل المذكور في الأية الكريمة (للرجال على النساء) ليس هو المقصود منه تفضيل جنس الرجال على جنس النساء ، و ليس بالطبع المراد منه تعميم جميع الأفراد من الرجال على جميع أفراد النساء ، و إلا فكم نجد من امرأة تزيد عن زوجها في العلم ، و في الدين بل ، و في العمل ، و الرأي ، و ما إلى غير ذلك من أمور .

فالرجل هو مفضل بالقوامة بسعيه ، و كدحه بل برعايته لزوجته ، و إنفاقه عليها فالقوامة تحتاج إلى بذل المجهود ، و الحركة ، و الكدح ، و التعب من جانب الرجل لكي يأتي بالأموال فالمرأة لا تقدر على هذه المهمة ، و الرجل لا يقدر على بعضاً من المهام الخاصة بالمرأة مثال عدم قدرته على الحمل أو الولادة أو الحيض.

أي أن الرجل مفضلاً في أمور عن المرأة ، و في نفس الوقت المرأة مفضلة عليه في بعض الأمور ، و أنه طبقاً لذلك فإنه لا يمكننا أن نقوم بعقد المقارنة بين الرجل ، و المرأة ، و ذلك يرجع إلى أن كل منهما له وظيفة معينة قد خلقه المولى عز وجل لكي يؤديها .

و لهذا فهما مختلفان لكن لو أمعنا النظر إلى كلا المهمتين معاً فسوف نتوصل إلى حقيقة رئيسية ، و هي أن الرجل ، و المرأة متكاملان ، و ليس شيئان يقبلان المقارنة لاختلافهما ، و لذلك فإنه يتوجب على الرجل أن يتفهم أن القوامة ليست أوامر أو قدرات يقوم بإصدارها على زوجته ، و هو جالس يضع قدم على أخرى بل أنه يتوجب عليه أن يراعيها ، و يحسن إليها ، و يكد من أجلها ، و يعطف عليها .

الوسوم
تفسير الايات