إخراج الصدقة للفقراء والمساكين والمحتاجين تعتبر من أفضل العبادات التي يحبها الله تعالى ويجزي عباده عنها عظيم الثواب ، وقد تبارى صحابة رسول الله رضوان الله عليهم في إخراج الصدقة إلى الفقراء والمحتاجين ، وقد وردت العديد من قصص عن فضل الصدقة التي أكدت على فضل الصدقة والتزام الصحابة بها .
فضل الصدقة
يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ ۗ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } سورة التغابن [اية : 16] ، مما يؤكد على توجيه الله تعالى لنا إلى الحرص على إخراج الزكاة والصدقة ، وقد وردت أيضًا بعض الفضائل الهامة للصدقة ، مثل :
-الصدقة تطفئ غضب الله عز وجل .
-تقي من النار وتُساعد على محو وتكفير الخطايا والاثام .
-كما أن المتصدق يكون في ظل صدقته يوم الساعة .
-يقول رسول الله – صل الله عليه وسلم – : { داووا مرضاكم بالصدقة } حسنه الألباني في صحيح الجامع .
-كما أن الصدقة تدفع البلاء وتُساعد على البر وتزيد من البركة والرزق .
وقد ورد في القران الكريم أن أفضل الصدقات هي الصدقات المخفية في قوله تعالى : { إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } سورة البقرة [اية : 271 ] .
مواقف الصحابة مع الصدقة
أثناء ولاية سيدنا أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – للدولة الإسلامية ، تعرض المسلمين إلى الجوع والجفاف ، وحين ضاق بهم الحال توجهوا إلى الخليفة أبي بكر الصديق ، وقالوا له ماذا يمكننا أن نفعل فالأرض لا تنبت والسماء لا تمطر وكدنا أن نهلك ، فقال لهم الخليفة ؛ انصرفوا الان وعليكم التحلي قليلًا بالصبر ولن يأتي المساء إلا وفرج الله قد جاء ؛ وهو يقول ذلك لأنه موقنًا بفضل الله وكرمه .
وفي نهاية اليوم جاء الفرج بالفعل وظهر الخير من خلال قافلة جِمال تابعة إلى سيدنا عثمان بن عفان – رضي الله عنه – قادمة من الشام إلى المدينة المنورة ، وعندما وصلت القافلة جاء المسلمون لاستقبالها وكانت هذه القافلة تتكون من ألف جمل محملين بالدقيق والزيت وبعض البضائع والأغذية ، ووقفت هذه القافلة أمام بيت عثمان ونزل ما بها من خيرات وطعام في منزله ، وذهب إليه التجار كي يبتاعوا منه نظرًا إلى حاجة الناس إلى ذلك .
وهنا قال لهم سيدنا عثمان رضي الله عنه وما الربح الذي سوف أربحه من ذلك ؟ فقال التجار له سنعطيك عن كل درهم درهمين ، فقال لهم ولكني حصلت على أكثر من ذلك من غيركم ، فقالوا سندفع لك 4 دراهم ، فقال عثمان أعطاني غيركم الكثير ، فقال التجار سوف نعطيك خمسة دراهم ، فقال لهم أيضًا لقد أعطاني غيركم أكثر ، وهنا تعجب التجار جميعًا وقالوا له من هذا الذي أعطاك فلا يوجد تجار داخل المدينة غيرنا ولم يأتي أحد إليك قبلنا أيضًا .
فقال لهم عثمان – رضي الله عنه وأرضاه – أعطاني الله تعالى بكل درهم عشرة ، والحسنة بعشر أمثالها والله سبحانه يُضاعف لمن يشاء ، فهل عندكم أكثر من ذلك ؟ فقالوا جميعًا لا .
وهنا قال عثمان ؛ إني أشهد الله تعالى أني قد جعلت كل ما حملته الجِمال صدقة لكافة فقراء ومساكين المسلمين ، وقام بتوزيع الأطعمة والبضائع عليهم ، وهنا أخذ كل فقير ما يكفيه هو وأهله ولم يبقى أحد دون طعام .
قصص عن الصدقة في عهد الرسول
لقد كان رسول الله – صلَّ الله عليه وسلم – رحيمًا بأمته وبالناس أجمعين وكان يحض الناس على الإكثار من إخراج الصدقة كي يحصلوا على ثوابها العظيم وكي يسود السلام والوئام في المجتمع ، وقد كان عليه الصلاة والسلام رحيمًا أيضًا بالفقراء وقد وردت إحدى القصص في ذلك على النحو التالي :
وقف رسول الله – صل الله عليه وسلم – يحث المسلمين على الصدقة فقال : { تَصَدَّقُوا ؛ فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي دِينَارٌ قَالَ : تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ ، قَالَ : عِنْدِي آخَرُ قَالَ : تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ ، قَالَ : عِنْدِي آخَرُ ؛ قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ ، قَالَ : عِنْدِي آخَرُ ، قَالَ : تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ ، قَالَ : عِنْدِي آخَرُ ، قَالَ : أَنْتَ أَبْصَرُ ! } رواه النسائي وأبو داوود .
ويتبين من ذلك رحمة رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه بهذا الرجل الفقير وكيف أنه قد أرشده إلى عدم ضرورة التصدق ما دام لم يملك إلا القليل من الدراهم ، وكي لا يجد الرجل غضاضة أو حزن استخدم رسول الله لفظ ” تصدق ” عندما وجههُ إلى إنفاق هذا المال على نفسه وأهله .